للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[اشتراط المفارقة الزوجية للزوم العدة]

قوله: (فارقت زوجاً) العدة لا تكون إلا من فراق، وأصل الفراق: البين والانقطاع عن الشيء، يقال: فارق المكان إذا ابتعد عنه وبان منه، والفراق يكون إما بطلاق وإما بخلع أو بالفسخ سواء كان بعيب أو بلعان كما تقدم معنا في أحوال فسخ عقد النكاح.

(تلزم العدة): أي: تجب.

(على كل امرأة فارقها زوجها).

أي: بان منها زوجها، ويوصف الطلاق بكونه فراقاً -وقد تقدم معنا- لأنه رفع لقيد النكاح، قال تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء:١٣٠]، وقال: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق:٢]، فالطلاق فراق، وكل امرأة فارقها زوجها تلزمها العدة؛ لأنها مرتبة على الزوجية وأثر من آثار إنحلال هذا العقد.

(تلزم العدة) (ال) في العدة: للمعهود شرعاً (كل) من ألفاظ العموم.

(فارقت زوجاً) أو فارقها زوجها، والفرقة مثل ما ذكرنا: بطلاق أو فسخ أو بوفاةٍ.

(فارقت زوجاً) من حيث الأصل لابد أن يكون الزواج صحيحاً، وعقداً شرعياً صحيحاً، وقد تلزم العدة إذا كان النكاح فيه شبهة، كشخص نكح نكاحاً يظنه صحيحاً فبان فاسداً، وكذلك إذا كان النكاح فاسداً فيه تأويل، كأن يكون فيه خلاف بين العلماء وعمل بأحد القولين وكان قولاً مرجوحاً، وكذلك تلزم العدة في الوطء المحرم الذي هو وطء الزنا كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

والمصنف -رحمه الله- ينبه على العدة من حيث الأصل، وبناء على ذلك فهناك ارتباط بين العدة والزوجية؛ لأن الأصل في العدة ألا تكون إلا على الزوجية، ومن هنا قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب:٤٩] إذاً: العدة تثبت وتنفى -في الأصل- بعد قيام عقد الزوجية لأنها مترتبة عليه، ولذلك يعتبرها العلماء من الأمور المبنية على النكاح.

<<  <  ج:
ص:  >  >>