للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم تحية المسجد لمن دخل المسجد وقت غروب الشمس]

السؤال

إذا دخل الإنسان المسجد قبل صلاة المغرب بوقت يسير، فهل يظل واقفاً إلى الأذان أم يجلس؟

الجواب

إذا كان الوقت يسيراً فهو مخير بين أن يقف خروجاً من الخلاف، وبين أن يجلس وهو الأصح والأقوى، أما الصلاة أثناء الطلوع وأثناء الغروب وأثناء انتصاف الشمس في كبد السماء فالنصوص قوية وصريحة بالإمساك عن الصلاة في هذا الوقت، حتى إن بعض العلماء يقول: هذا الموضع خارج من الخلاف بين العلماء؛ لأن النصوص فيه قوية جداً: (فإذا طلعت -يعني: عند طلوعها- فأمسك عن صلاتك فإنها تطلع بين قرني شيطان) لأنها عبادة المشركين، فالمشركون يسجدون للشمس عند طلوعها وعند غروبها، وتكون بين قرني شيطان؛ لأن الشيطان يأتي بينهم وبين الشمس، فيكون سجودهم للشيطان لا للشمس، لأنهم يعبدون الشيطان في الحقيقة ولا يعبدون الشمس، لأن الشمس تبرأ إلى الله عز وجل من عبادتهم، فهذا الوقت نهي عنه لأنه ذريعة إلى الشرك، ومشابهة للمشركين، فالعلة فيه قوية، ولذلك نقول: وقت الطلوع والغروب لا خلاف فيه -وهذا أمر يخلط فيه البعض- وقد جزم غير واحد من الأئمة رحمة الله عليهم بأنه خارج عن موضع الخلاف، وأنه لا يصلى فيه تحية المسجد ولا النوافل، لكن الفرائض فيها أدلة ونصوص واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (من أدرك ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر) وهذا لمكان الفرضية المحتمة، والشرع يخالف بين الفرض وغير الفرض، ومن هنا لا وجه لأن يصلي أثناء الطلوع وأثناء الغروب، فإما أن يقف وإما أن يجلس وهذا هو الأقوى، وهي رخصة من الله وفسحة، وكما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان جالساً في مسجده كما في الصحيح في قصة كعب بن مالك لما نزلت توبته ودخل عليه كعب بن مالك بعد صلاة الفجر، والحديث في سياقه يدل على أنه لم يصل تحية المسجد؛ لأن النص نص على أنه لما دخل قال: (فاستقبلني طلحة فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلست بين يديه)، ولم يذكر تحية المسجد ولا الصلاة، ولذلك هذا الحديث من أقوى الأدلة على أن ذوات الأسباب بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس لا تصلى؛ لأن الصلاة أثناء الطلوع والغروب تشبه بالمشركين، وما بين الصلاة وما بين الغروب والطلوع ذريعة، ولذلك نهي عنها من باب سد الذرائع، لأنها ذريعة ينتهي بها إلى الوقت المحذور، فنهي عن الصلاة في هذين الوقتين، قال صلى الله عليه وسلم: (فإذا صليت الصبح فأمسك عن الصلاة حتى تطلع الشمس، فإنها تطلع بين قرني شيطان، فإذا صليت العصر فأمسك عن الصلاة) ما قال: إلا تحية المسجد أو استثنى بل قال: (فأمسك عن الصلاة)، ونهاه عن أن يصلي كما في الصحيح، فهذا يدل دلالة قوية على أنه لا يصلى على أصح القولين، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>