للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أقوال العلماء في قتل الذكر بالأثنى]

قال رحمه الله: [ويقتل الذكر بالأنثى والأنثى بالذكر].

الذكر أرفع درجة من الأنثى، ونصوص الكتاب والسنة واضحة جلية في أن الرجل لا يساوي المرأة من حيث الأصل، وهذا أمر واضح جلي في الشرع، وعلى المسلم أن يكون على بينة من أمره، وأن يترك هذا الخلط الذي يدعيه أعداء الإسلام من مساواة الرجل بالمرأة من كل وجه، فهذا قول باطل معارض لنصوص الكتاب والسنة.

والله تعالى يقول: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى} [آل عمران:٣٦]، والله عز وجل خلق آدم بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، ثم بعد هذا التكريم خلق منه حواء، فجاءت خلقة الأنثى بنصوص الشرع تبعاً ولم تأتِ أصلاً، وجاء التكريم استقلالاً للإنسان الذكر، وجاءت خلقة الأنثى بنص الكتاب أنه خلق منها زوجها ليسكن إليها، فهي تبع للرجل، ولحكمة من الله سبحانه وتعالى أن جعلها على هذا الوجه، ولم يسوِ بينها وبين الذكر، والله عز وجل يخلق الضعيف والقوي، ولا يستطيع أحد أن يقول: إن الضعيف كالقوي، فهذه خلقة الله عز وجل، ولا يمكن أن تستقيم أمور الحياة إلا بوجود قوي وضعيف.

وهذا ليس فيه ظلم ولا جور، بل هذه خلقة الله عز وجل، فلا تستطيع أن تستدرك على الخالق، حاشا وكلا! تعالى الله عز وجل.

فالله عز وجل في أصل الخلقة خلق المرأة على هذا التكوين: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف:١٨] خلقها على هذا الضعف لحكمة بينها تعالى فقال: {لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف:١٨٩]، فلو خلقت قوية لما استقامت أمور الحياة، ولتنكد العيش، ولكن الله سبحانه وتعالى جعل الأمر على هذه السنن {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم:٣٠]، فلا يستطيع أحد أن يبدل خلق الله.

نعم في الشريعة جاءت التشريعات تخاطب الرجال وتخاطب الإناث، ومع ذلك خصت الرجال بما خصتهم، وخصت الإناث بما خصصتهن، ولا يستطيع أحد أن يقول: إنها قد جعلت الرجل مثل المرأة سواء بسواء أبداً، هذا أمر واضح جداً في التكاليف الشرعية وفي الأحكام والمسائل، فلا يخلط الأمر، بل ينبغي على المسلم أن يكون على بينة من أمره، وأن تكون الأمور واضحة.

ولذلك متى ما خرجت المرأة عن هذه الفطرة استرجلت، وقد صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لعن المسترجلات من النساء، أي: أنها خرجت عن هذا المقام الذي فطرها الله عز وجل عليه، وأرادت أن تساوي الرجل، والله يقول: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة:٢٢٨].

فهذه أمور خلطت على المسلمين، ودخلت من الأفكار الوافدة من أعداء الإسلام؛ لأنهم يعلمون أنهم يناقضون كثيراً من أصول الشريعة، وتستقيم أمور المسلمين كثيراً إذا عرفت المؤمنة الصالحة مكانتها وعرف الرجل مكانه، وكمل كل منهما الآخر، وحاول كل منهما أن يكون على السنن والفطرة التي خلقه الله عز وجل عليها ولا يخرج عنها ألبتة.

ولذلك الذين يقولون: حقوق المرأة، هؤلاء والله يعذبون المرأة ويحملونها ما لا تطيق، وفوق ما تطيق، فهل يستطيعون أن يجعلوا فيها من القوة مثل ما في الرجل؟ إذا كانوا لا يستطيعون أن يجعلوا فيها من القوة مثل ما في الرجل فلا يكلفوها، ولا يحملوها ما لا تتحمل.

ومن هنا لما خرج الناس عن هذه الفطرة تنكدت الحياة، وتعذبت المرأة وأهينت وأذلت، حتى إن بعض أعداء الإسلام انتصر لحقوق المرأة، فلما خرجت المرأة في الدول الشيوعية للاتحاد السوفيتي تكنس الشوارع، وتعمل مثلما يعمل الرجل، صارت مهانة ذليلة ورجعت على العكس، فقد كانت تظن أن مسألة حقوق المرأة أنها مسألة يراد بها تكريم المرأة حقيقة، فتبين أنها إهانة للمرأة وإذلال لها.

وأقسم بالله الذي فطر السماوات والأرض لن تجد المرأة تكريماً غير الذي كرمها الله به، وأنها إذا ظنت أنها تجد التكريم في غير كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلتعلم أنها لن تزداد عند الله إلا مهانة وذلاً، ولتقدم على ما أقدمت أو تحجم.

فعليها أن تعلم أن التكريم الحق إنما هو حينما تكون في مكانتها الطبيعية الجبلية التي فطرها الله عز وجل عليها، قائمة على أسرتها، وربة لبيتها، ومحافظة على أولادها، وراعية لزوجها، فقادت العالم أجمع بعدل وإنصاف وحكمة وقدرة من الله واقتدار، ومع ذلك ما تخلفت ولا تقاعست وكانت في أوج الحضارة، وكانت المرأة في قعر بيتها قائمة لحقوق أولادها وزوجها.

وهل معنى ذلك أننا لن نتقدم إلا إذا كانت المرأة مثل الرجل؟ أبداً، هذه كلها أمور مخلوطة، وأوراق مغالط فيها ومكابر فيها، فعلى الإنسان أن ينظر إلى الحقيقة.

وعلينا أن نفهم الكتاب والسنة لنرد على كل من يأتي ويروج ويقول: المرأة مثل الرجل، وقد خاطبها الله كما خاطب الرجل، فهذه أمور لو جئنا نفصل فيها وأمسكنا من باب الطهارة إلى نهاية أبواب الفقه الإسلامي، لوجدت من المسائل ما لا يحصى كثرة من التفريق بين الرجل والمرأة، وتجد أن هناك أصلاً شرعياً يرضى به من يرضى ويسخط من يسخط.

وعلى كل حال: الأمر في هذا واضح، وليس هذا مقامه، لكن نقول: إن الرجل إذا قتل المرأة قتل بها، وإذا قتلت المرأة الرجل قتلت به.

لكن إذا قتلت به فبعض العلماء يرى أنه يأخذ أولياء المقتول نصف الدية من أولياء المرأة أو من مال المرأة، قالوا: لأن المرأة نصف الرجل كما صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى تبلغ الثلث من ديتها)، فهذا يدل على أنها على النصف، فإذا كانت على النصف فديتها نصف دية الرجل كما سيأتي إن شاء الله، وإذا ثبت أنها على النصف فمعنى هذا أنها لا تساوي الرجل، فلو قتل رجل امرأة وحكمنا بالقصاص، فإنه إذا قتل أولياء المرأة الرجل، فقال بعض العلماء: يدفع أولياء المرأة نصف الدية؛ لأنها لا تكافئ الرجل من كل وجه.

والصحيح: أن المرأة تقتل بالرجل، والرجل يقتل بالمرأة، ولا دفع للفرق بينهما.

<<  <  ج:
ص:  >  >>