للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم المسح على الجورب]

السؤال

ما حكم المسح على الجوارب التي نلبسها اليوم ولا تُرى البشرة من خلالها، ولكن بلل الماء الممسوح ينفذ من حلال الجورب ويصل إلى البشرة؟

الجواب

المسح على الجوربين سنة محفوظة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما في الحديث الصحيح عن المغيرة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين)، وهذا هو أصح قولي العلماء رحمهم الله، لكن يشترط في الجورب -وهو الشراب- أن يكون ثخيناً، وأما الرقيق فالصحيح أنه لا يمسح عليه، وهو مذهب جماهير العلماء رحمهم الله تعالى.

والدليل لمن قال بجواز المسح عليه هو: القياس على الثخين؛ لأنه ما كان موجوداً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقيس على الثخين، والقياس في الرُّخَصِ ضَيِّقٌ وضعيف، هذا أولاً.

ثانياً: أن هذا القياس مع الفارق، فإن الرقيق إذا مسحته كأنك تمسح ظاهر القدم، ومذهب مسح ظاهر القدم يمكن أن يكون أرحم وأفضل من مسح الرقيق.

والثخين يُنزل منزلة الخف؛ لأن الخف من الجلد ساترٌ حافظ للقدم، وأما الرقيق فإنه لا يستر ولا يُنزل منزلة الجورب ولا منزلة الخف.

وعلى هذا فالواجب على المسلم أن يستبرأ لدينه، وأن يحتاط لدينه، خاصة أمر الصلاة، فإن أمرها عظيم، ومن هنا قال الإمام الحافظ ابن عبد البر رحمه الله: إن الله فرض علينا غسل الرجلين بيقين، ولما جاءت أحاديث الخفين متواترة صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عملنا بها وانتقلنا إلى هذه الرخصة.

وعلى هذا فكذلك لما جاءتنا رخصة الجوربين نقول: إنها جاءتنا بحديث صحيح بجوربين كانا ساترين لمحل الفرض، ولم تكن الجوارب كهذه الجوارب الموجودة الآن الشفافة الرقيقة، التي لو وضع الإنسان أصبعه لربما وجد حرارته على بدنه من رقتها، فهي حوائل ضعيفة جداً، لا تُنزل منزلة الحوائل الثخينة في الجلد -كما في الخف- ولا في الجوربين.

ومن هنا اشترط بعض العلماء أن يكون الجورب منعلاً؛ لأن الرواية في الجوربين المنعلين؛ كل هذا تحقيقاً لمماثلة الجورب للخف حتى يكون أشبه بالخف.

وعليه فإنه لا يجوز المسح إلا على شُرَّاب ثخين لا ترى البشرة من تحته.

والله تعالى أعلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>