للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التوفيق بين قوله: (ولا تبطلوا أعمالكم) وقوله: (المتطوع أمير نفسه)]

السؤال

كيف نوفق بين قوله تعالى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد:٣٣] وبين قوله صلى الله عليه وسلم: (المتطوع أمير نفسه)، أثابكم الله؟

الجواب

لا تعارض بين عام وخاص، فقوله تعالى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد:٣٣] عام وقوله عليه الصلاة والسلام: (المتطوع أمير نفسه) خاص، فلا تبطلوا أعمالكم عام، يشمل الفرائض والنوافل، ويشمل جميع الأعمال الصالحة، سواءً كانت في الفريضة: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد:٣٣] فإذا كبرت لصلاة الفريضة فعليك أن تتمها، وإذا ابتدأت صوم الفرض فعليك أن تتمه، وإذا حججت فعليك أن تتم الحج، وإذا اعتمرت فعليك أن تتم العمرة، {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد:٣٣] هذا في الفرائض.

أيضاً قوله سبحانه: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد:٣٣] في النوافل، فلو أن شخصاً تطوع بصلاة، فإنه لا يقطعها إلا إذا طرأ له طارئ، أو رخص له الشرع بالقطع.

لقد نهانا الله عز وجل أن نبطل أعمالنا؛ لأن إبطال الأعمال فيه مخالفة للشرع إذا كان العمل واجباً، فمن قطع صلاته وهو يصلي الظهر بدون سبب فإنه آثم شرعاً؛ لأن الله أمره بإتمام صلاته وأداء حقه سبحانه، ومن أفطر في رمضان من دون عذر فإنه آثم شرعاً، ولم يقضه صيام الدهر ولو صامه، ومن جاء في حج فجامع زوجته قبل الوقوف بعرفة فقد أفسد حجه وأبطله، وهكذا لو جاء في عمرة فجامع قبل الطواف بالبيت فإنه قد أفسد عمرته، هذا كله منهي عنه شرعاً في الفرائض وفي النوافل.

فجاء النص في النافلة: (المتطوع أمير نفسه) في مسألة الصوم، فمن صام الإثنين ثم رأى من المصلحة أن يفطر، إما جبراً لخاطر قريب، أو دُعي إلى وليمة، أو أمره والده أو والدته أن يفطر فهذا خاص، قال صلى الله عليه وسلم: (المتطوع أمير نفسه)؛ لأنه ألزم نفسه ما لم يلزمه الشرع، فوسع الشرع في حقه أكثر من غيره، والقاعدة: لا تعارض بين عام وخاص، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>