للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[القول الراجح في حد الخمر]

ولذلك نقول: تبقى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين جلدة، ثم يزيد القاضي والحاكم متى رأى المصلحة في ذلك، فبين المصنف رحمه الله أنه يجلد ثمانين على ما اختاره طائفة من العلماء وهو مذهب الجمهور كما ذكرنا، والصحيح أن الحد أربعون جلدة، ويجوز أن يزاد بشرط نظر الإمام، ولا يزاد هكذا، ولا يقال: إن الثمانين حد ثابت لا ينقص حد الخمر عنه، بل نقول: إن الثمانين اجتهاد من القاضي متى رأى المصلحة أن يبلغ الثمانين أبلغها، وإلا اقتصر على القدر الأصلي وهو أربعون.

فيقتصر على القدر الأصلي إذا كان شارب الخمر شربها لأول مرة، أو كان في بيئة لا تعرف شرب الخمر فشربها لأول مرة، ولم ينهمكوا في شرب الخمر؛ لأنه عندنا زجر الشارب، وعندنا زجر غيره، فهي عقوبة للشارب، وزجر لغيره، فالشارب إذا كان لأول مرة ويرجى توبته ورجوعه فإنه يجلد الأربعين، وأما إذا كان يخشى منه الاسترسال أو فعلها وأصر -كما ذكر بعض العلماء- أو كرر ذلك فإنه يجلد ثمانين جلدة زجراً له، ومعونة له على نفسه أن يكف عن شرب ما حرم الله عز وجل.

قال المصنف رحمه الله: فقال: [وأربعون مع الرق].

وهذا على الأصل الذي ذكرناه، أن عقوبة الأحرار ضعف عقوبة المماليك، وذكرنا دليل ذلك في حد الزنا، وأنه جرى على ذلك عمل الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، فكلهم كانوا يجلدون الإماء والعبيد في الحدود نصف ما يجلدون به الأحرار.

<<  <  ج:
ص:  >  >>