للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[بيع الذهب بالذهب]

السؤال

قمت ببيع ذهب لزوجتي لصاحب محل ذهب، ثم اشتريت منه بمبلغ هذا البيع ذهباً آخر، فما الحكم؟

الجواب

هذا المسألة فيها تفصيل: فيجوز لك ذلك إذا بعت الذهب الأول القديم، وقبضت الثمن، وفارقت المحل فاستدبرته وخرجت منه، ثم رجعت واشتريت، فهذه صفقة ثانية، أما كونك تخرج من المحل فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا)، ومن هنا فينبغي أن تفصل البيعتان عن بعض، فإذا بعت الذهب القديم واشتريت ذهباً جديداً، وأنت في نفس المحل، وزدت أو نقصت في القيمة، فقد اشتريت ذهباً بذهب متفاضلين، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والتمر بالتمر، والشعير بالشعير، والملح بالملح، مثلاً بمثل)، فدل على أنه لا بد من المساواة، وقال في لفظ السنن: (فمن زاد أو استزاد فقد أربى)، فمن بدل ذهباً قديماً بذهب جديد وأخذ الفرق البائع أو أخذ الفرق المشتري؛ فإنه الربا الذي لعن الله آخذه وموكله وكاتبه وشاهديه، فلا يجوز أن تبيع قديماً بجديد إلا إذا كانا متماثلين في الوزن دون أية زيادة، وهذا في مبادلة الذهب بالذهب؛ لأنك في الحقيقة بادلت الذهب القديم بالجديد، فلا تأخذ الفضل والزيادة، وقال صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد رضي الله عنه في الصحيح: (لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل ولا تشفوا -أي: لا تزيدوا- بعضها على بعضها، ولا تبيعوا غائباً منها بناجز)، فبين ربا النسيئة والفضل.

فلا يجوز لك أن تبادل الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل، وعلى هذا فيبادل الذهب القديم بالذهب الجديد إذا كان وزنهما واحداً، عشرين غراماً بعشرين غرام، أو مائة غرام، بمائة غرام، فلو زاد أحد الذهبين غراماً فهو ربا، ولو قال له: أبادلك هذه المائة غرام القديمة بهذه المائة الجديدة، وتدفع لي فرق جودة الصنعة، مثل أن تدفع مائة أو مائتي ريال لجودة صنعة الجديد، أو لأنه موديل جديد كما يقولون؛ فإن هذا ربا أيضاً، سواء كانت الزيادة من الذهب نفسه مثل مائة غرام بمائة غرام، أو من شيء أجنبي عن الذهب، مثل أن يقول له: أستبدل الذهب القديم بالجديد وأدفع لك ألف ريال أو مائة ريال، أو ريالاً واحداً، أو نصف ريال، فأي زيادة من جنس المبيع من الأثمان أو من غيرهما فهذا الربا الذي حرم الله ورسوله.

أما إذا وقع البيع مباشرة وقال له: أبادلك، وحصل أنه اشترى منه البائع الذهب القديم ولم يتشرط عليه أن يشتري منه، وخرج من عند البائع، كما لو باع القديم بخمسة آلاف ريال، فخرج من الدكان حتى تتم الصفقة الأولى؛ لأن الصفقة الأولى ما تمت إلا بالمفارقة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا)، فالصفقة الأولى لا تلزم إلا بالمفارقة، فلابد أن يخرج من الدكان، فإذا خرج من الدكان ورجع مرة ثانية، فهي صفقة ثانية، ويجوز له حينئذ أن يبرم صفقة ثانية بذهب أغلى أو أرخص، ولا بأس عليه في ذلك ولا حرج، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>