للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم اغتصاب المال مجاهرة]

وقوله: [في الصحراء أو البنيان، فيغصبونهم المال مجاهرة لا سرقة].

الشرط الثاني: أن يكون هذا الاعتداء على سبيل الجهر والعلانية، لا سراً وخفية، ولذلك فمن جاء خفية وسرق من محل تجاري، أو سرق من خزينة، أو من بنك، أو من مصرف خفية؛ فهو سارق.

أما الحرابة فيشترط أن تكون جهاراً، والجهر يكون تحت القهر والتهديد، فلو كان جهاراً بسرعة، بأن اختطف المال من الرجل وهرب دون تهديد بالسلاح، فهذا مختلس ومنتهب، وليس عليه قطع، وقد تقدم بيان حكمه، وانظر كيف أن الشريعة تفصل في كل جناية وجريمة بما يليق بها، وتعطيها حقها وقدرها.

ومن هنا فإذا كانت الجريمة بالاعتداء على المال سراً فهي سرقة إذا تحققت فيها شروط السرقة، وإذا كانت علانية فيفصل فيها: فإن وقعت علانية تحت قهر ووطأة السلاح والتخويف فهذه حرابة، وقد بيّن المصنف رحمه الله أنها حرابة سواءً كانت داخل مدينة أو خارجها.

وإن كانت جهاراً أمام الناس ولكنها ليست تحت وطأة السلاح مثل ما يقع الآن، حيث يكون الشخص سريعاً فيخطف من الرجل شنطته، أو محفظته، أو مالاً أو كتاباً أو شيئاً في يده ذا قيمة ثم يفر، فهذا ليس بسارق وإنما هو منتهب، ويأخذ حكم الانتهاب.

لكن لو أنه هدده وأرعبه وخوّفه، فهذا التهديد تنتقل به الجريمة إلى الحرابة، وحينئذٍ يأخذ حكم المحارب.

وقد اشترط العلماء رحمهم الله أن يكون علانية، والمصنف رحمه الله يختار أن هذه الجريمة تقع داخل المدن في البنيان كما تقع في الصحراء.

والعلماء متفقون على أنها لو وقعت في الصحراء خارج المدن وكانت على مسافة بحيث لو صرخ الصارخ لا يسمعه أحد، ولا يمكن نجاته أو استغاثته؛ فإنها حرابة، سواء كانت في البر أو البحر، مثل القرصنة البحرية بالاعتداء على السفن والبواخر التجارية واختطافها، أو أخذ ما فيها تحت وطأة السلاح، فكل هذا حرابة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>