للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم المفاضلة بين العلماء]

السؤال

هل يجوز لطلبة العلم أن يفاضلوا بين العلماء؟

الجواب

باسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد: هذا سؤال غريب عجيب! لكن إن شاء الله تؤجر على اختياره.

الحقيقة أن هذا أمر قد عمت به البلوى، فالمفاضلة بين العلماء وغير العلماء مسئولية، ومن قال: فلان أفضل من فلان؛ فقد زكاه، وتعتبر هذه شهادة، والله تعالى يقول: {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} [الزخرف:١٩] إذا كان الشخص يتكلم في المفاضلة: أولاً: عن علم.

ثانياً: عن حاجة.

ثالثاً: بإخلاص.

عن علم: بمعنى أن يعرف من هو العالم الذي فضله، بأن يكون قد درس عليه، قرأ عليه، ضبط العلم على يديه، ويعرف من هو العالم الآخر -المفضول- فيكون قد أدرك علم الرجلين.

ووجدت حاجة للتفضيل: لأنه من اللؤم ومن نسيان المعروف والخير: أن يأتي لعالم تتلمذ على يديه ثم يجد من هو أعلم منه ليقول: فلان أعلم من فلان دون وجود حاجة، فما جزاء الإحسان إلا الإحسان، يقول: فلان عالم وفلان عالم، ولعل فلاناً قد أعطاه الله علماً كثيراً، فلا تقل: فلان أفضل من فلان بدون حاجة، لكن إذا وجدت الحاجة فلا بأس، كأن يأتي رجل وقال: سأمكث في مكة أو المدينة سنة، وما عندي إلا هذه السنة، وأحتاج إلى أن أضبط العلم وأتقنه في علم الحديث، علم العقيدة، علم الفقه، فسألك قائلاً: دلني هل فلان أفضل أو فلان؟ هل أدرس على فلان أو فلان؟ فهنا وجدت حاجة.

وأن يكون بإخلاص، أي: مراده النصيحة للأمة، وليس مراده التحقير والانتقاص، فإذا وجدت هذه الثلاثة الضوابط فلا بأس.

أيضاً: إذا فضلت أحداً على أحد فينبغي ألا يتضمن الأسلوب التحقير للمفضول؛ لأن من النصيحة لأئمة المسلمين ومنهم علماؤهم: ألا يُنتقص قدرهم، فإذا قيل: إن فلاناً أعلم من فلان على طريقة فيها تهكم بالمفضول؛ فهذا ظلم له واستباحة لعرضه، وليحذر من غيبة العلماء ومن الغيبة عموماً.

ولا يلام أحد خاصة إذا كان بين طلاب العلم أن يكثر من تحذير الناس أو طلبة العلم من الوقيعة في أهل العلم، وخاصة في هذا الزمان، ولو أن كل مجلس يُستفتح ويُختم بقرع القلوب بقوارع التنزيل في الحذر من الوقوع في أولياء الله من أهل العلم من الأموات والأحياء والتفضيل بينهم، وانتقاصهم على سبيل الانتقاص والاحتقار، لكان حسناً، ولم يلم من قال ذلك.

وعلى كل حال إذا وجدت هذه الثلاثة الضوابط؛ فأرجو ألا يكون في ذلك بأس، أما أن يجلس شخصان أحدهما قرأ على شيخ، والآخر قرأ على شيخ لكي يفاضلان بين شيخيهما، فلا، أو يتناظر اثنان في مسألة فيقول أحدهما: رجحه الشيخ فلان، فيقول الآخر: رجحه الشيخ فلان، فيقول: فلان أعلم من فلان، فهذه أمور عواقبها وخيمة، وبالأخص إذا كانت في المجالس العامة، أو بين عامة الناس؛ لأن ضررها عظيم.

فينبغي على طلاب العلم ألا يفعلوا ذلك.

والله تعالى أعلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>