للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مكروهات الذبح]

قال رحمه الله: [ويكره أن يذبح بآلة كالة]: شرع رحمه الله في بيان مكروهات الذبح، فيكره للمسلم أن يذبح بآلة كالة كالسكين غير المحددة، قال صلى الله عليه وسلم لـ عائشة: (هلمّ المدية) فجاءت بها، فقال: (اشحذيها بحجر)، فدل على أن السنة: أن تشحذ، قال صلى الله عليه وسلم: (وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته)، هذه هي السنة، قال: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته)، فإذا ذبح بآلة كالة غير مسننة وغير محددة عذب الحيوان، ولذلك أُثر في الأثر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تمتها مرتين) وفيه ضعف، لكن معناه صحيح، وأثر عن بعض الصحابة: (لا تمتها مرتين).

[وأن يحدها والحيوان يبصره]: وهذا فيه أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عنه؛ فإنه ليس من الإحسان، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإحسان عند الذبح، فيكره أن يأتي بالبهيمة ويحد السكين أمامها؛ لأن هذا مما يؤذيها.

فهذه هي الحقوق الواقعة في موقعها والواقعة في موضعها، أما أن ترى الذين لا يعقلون ولا يفقهون يريدون أن يعلموا المسلمين الحقوق! ألا شاهت الوجوه!! هذه حقوق الشريعة من قبل ألف وأربعمائة سنة، وهي تقر المبادئ السامية العادلة، أما هؤلاء فلم يعرفوا حقوق الحيوانات إلا الآن، لكنا عرفناها وعرفها أبناء المسلمين، وأطفال المسلمين وهم يمصون أصابعهم كيف يعاملون حتى الحيوان، وعلموا الحرمة حتى في الشجر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حرم في مكة شجرها، وكان المسلم يعي ما الذي له وعليه، حتى الجماد، فهذه أمة سامية، ولذلك ينبغي للمسلم أن يعتز بدينه، وأن يعلم أنه ليس بحاجة لأن يعلمه أحد، وأن ما علمه الله عز وجل يكفيه عن غيره: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء:١١٣]: إنه فضل الله عز وجل عليه، وعلى أمته صلوات الله وسلامه عليه وعلى خلقه أجمعين، فالحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

[وأن يوجهه إلى غير القبلة] لأن النبي صلى الله عليه وسلم وجه إلى القبلة، وهذه هي السنة، وقد قال في الحديث الحسن: (قبلتكم أحياءً وأمواتاً).

قال رحمه الله: [وأن يكسر عنقه، أو يسلخه قبل أن يبرد].

لأن في هذا إيلاماً لها؛ لأنه إذا كانت ترفس فلا زالت فيها حياة، نعم، هي كالعدم، لكن من باب الرفق أنه ينتظر حتى تبرد، ومن الأخطاء: أن ترى بعض من يذبح يدخل السكين، أو يحاول أن يكسر الرقبة قبل أن تبرد.

فتقول له: لا، افر الأوداج واقطع الحلقوم والمريء، واترك البهيمة حتى تبرد، هذا هو الرفق، وهذا هو الإحسان، وهذا الخطأ يقع من بعض الجزارين؛ لأنه يريد أن يذبح أكبر عدد فيفعل مثل هذا.

<<  <  ج:
ص:  >  >>