للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم السجود على العمامة]

السؤال

إذا كان المأموم لابساً عمامته فهل له أن ينحيها قليلاً حتى يمكن جبهته من السجود؟

الجواب

استحب العلماء رحمةُ الله عليهم أن لا يغطي الإنسان جبهته؛ لأنه شعار أهل الخير والصلاح، وقد وصف الله عز وجل أصحاب رسوله صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح:٢٩]، وهذا لا يتأتى إلا برؤية الناس لهذا الموضع، ولذلك استُحِب لطالب العلم ولأهل الفضل والصلاح أن يكشفوا عن هذا الموضع، وكان معروفاً في عهد السلف، ولذلك لما قال ابن النصرانية الأخطل في الأنصار يهجوهم -قاتله الله وأبعده ولعنه-: ذهبت قريشٌ بالمفاخر كلها وبقى اللؤم تحت عمائم الأنصارِ لما قال ذلك دخل قيس بن سعد رضي الله عنه وأرضاه على معاوية وكشف جبهته وقال: أترى لؤماً؟ قال: لا.

والله ما أرى إلا خيراً ونبلاً.

قال: ما بال ابن النصرانية يقول كذا وكذا؟ قال: لك لسانه.

فأهدر لسانه، ثم إنه فرّ.

فالمقصود أنهم كانوا يرون أن من شعار أهل الصلاح والخير كشف هذا، ولذلك ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: (مسح على ناصيته وعلى العمامة).

وكان بعض العلماء رحمة الله عليهم يكشفون عن النواصي أحياناً، إيثاراً للتواضع والذلة لله عز وجل، حتى يكون أبلغ في قبول الناس له وإقبالهم عليه، خاصةً العلماء ومن يُحتاج إليه، فإنهم إذا كانوا على سمتٍ فيه لين ورفقٌ بالناس كلما كان ذلك أبلغ لقرب الناس منهم، وتغطية هذا الموضع يفعلها الإنسان في الغالب على سبيل الكبر أو الخيلاء، فلذلك الأفضل أن يجلي جبهته.

وإذا أراد أن يسجد -نظراً إلى أنه مأمورٌ بالسجود على الجبهة- فإنه يجليها حتى يتمكن من السجود، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>