للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المستقبل لهذا الدين]

أيها الأحبة في الله: تلبيةً لرغبة أحبابنا وإخواننا فإن حديثي الليلة مع أحبابي في الرقائق، وكم كنت أتمنى أن أعتذر عن الحديث في هذا الموضوع؛ لأنني أعلم يقيناً أنه لا يجيد الحديث عن الرقائق إلا أصحاب القلوب الحية، وأشهد الله أني لست منهم، كما كنت أتمنى أن يكون حديثنا في كل وقتٍ وفي كل مكان عن تصحيح بعض المفاهيم، وإيقاظ العقول والقلوبِ لهذه التحديات الخطيرة، ولهذه المؤامرات الكبيرة الرهيبة التي تحيط بأمتنا في الليل والنهار، والتي تحاك لهذا الدين، وتُحاك للمسلمين لاستئصال شأفتهم، وللقضاء على هذا الدين، ولكنني أقول بملء فمي: إن هذه المؤامرات، وإن هذه المكائد، التي تكاد لهذا الدين ولهذه الأمة في الليل والنهار، إنما هي إلى زوال، وإن أهلها إلى فناء، وسيبقى الإسلام شامخاً يناطح كواكب الجوزاء؛ لأنه دين رب الأرض والسماء.

إن المستقبل يا شباب الصحوة لهذا الدين ورب الكعبة رغم كيد الكائدين، ولن تستطيع جميع الأفواه ولو اجتمعت أن تطفئ نور الله: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف:٨].

نعم.

أقول بملء فمي: نامت الأمة بل وراحت في سباتٍ عميق، وأقول بملء فمي: مرضت واعتراها الركود إلى سنوات طويلة، ولكن الأمة بحمد الله لم تمت، ولن تموت بإذن الله جل وعلا.

نعم.

ما تجنيه الأمة اليوم من ثمار الحنظل المرة إنما هي نتيجةٌ لفترة رقادها الطويلة التي طالت وطالت، فسلبت أرضها، وسفكت دماؤها، وانتهك عرضها، وهانحن نرى الآن، وينطبق على الأمة الآن قول القائل الصادق:

آه يا مسلمون متم قروناً والمحاق الأعمى يليه محاق

أي شيءٍ في عالم الغاب نحن آدميون أم نعاج تساق

نحن لحمٌ للوحش والطير منا الـ جثث الحمر والدم الدفاق

وعلى المحصنات تبكي البواكي يا لعرض الإسلام كيف يراق

سراييفو تباد والعالم كلـ ـه خسة وخيانةً ونفاق

سراييفو من دولة المجد عثما ن أبوها والفاتح العملاق

سراييفو من قلب مكة بالتو حيد يعلو لواءها الخفاق

تركوها وحولها من كلاب الصـ ـرب طوقٌ من خلفه أطواق

قدمتها الصلبان للصرب قربا ناً وللصرب كلهم عشاق

فوالله لو فعلنا بالصرب ما فعلو هـ لرأينا مثل الذي رآه العراق

انتهك عرضنا، وضاع شرفنا، ومسخت هويتنا، وراح عزنا، وزالت سيادتنا، وزعزع انتماؤنا يوم أن رقدت الأمة وطال رقادها، ونامت فطال سباتها؛ ولكنني أبشركم -أيها الأحباب- وأقول: إن أمة الإسلام قد مرضت واعترتها فترات من الركود الطويل، ولكنها بحمد الله تعالى ما ماتت ولم تمت ولن تموت بإذن الله مصداقاً لبشرى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث معاوية: (لا تزال طائفة من أمتي قائمةً بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله، وهم ظاهرون على الناس) فأسأل الله جلا وعلا أن يشرفني وإياكم لأن نكون من أفراد هذه الطائفة؛ إنه ولي ذلك ومولاه وهو على كل شيءٍ قدير.