للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سنة ربانية لا تتغير]

و

السؤال

قد يسألني أحد الشباب ويقول: فماذا تقول في هذه الأموال التي أغدقت على هؤلاء الكفار والمرجفين والمنافقين؟ أقول: لا بد أن نعي سُنَّةً ربانية لله جل وعلا، ألا وهي: سنة الفتح، يفتح الله على هؤلاء: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً} [الأنعام:٤٤].

إنها سنة ربانية ثابتة لا تتبدل ولا تتغير، إذا رأيت الرجل في نعمة من الله وهو على معصية الله؛ فاعلم بأنه استدراج له من الله جل وعلا.

وقد حقق منهج الله لأتباعه وأبنائه انشراح الصدر، وطمأنينة القلب، وراحة الضمير، وسعادة البال، وهذه نعم لا يحظى بها إلا المؤمنون، قال الحبيب صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث صهيب: (عجباً لأمر المؤمن! إن أمره كله له خير، وليس ذلك إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له).

أيها الأحباب الكرام! لا بد أن نعود إلى منهج الله جل وعلا، وابدأ بنفسك ابتداءً أيها الحبيب الكريم، فأنت على ثغرة، فإياك أن يؤتى الإسلام من قبلك، واتق الله، وكن جندياً مخلصاً لدين الله ولمنهج الله.

أقول ورب الكعبة: إن أعظم خدمة نقدمها اليوم للإسلام هي: أن نشهد للإسلام شهادة عملية وواقعية وأخلاقية وسلوكية، اقطعوا الطريق على المزورين الذين يشيرون إلينا بأصابع الاتهام، بينوا لهم الإسلام في رحمته وعظمته وأخلاقه وعطائه وصدقه وأمانته، بينوا الإسلام للعالم كله وللدنيا كلها بصورته المشرقة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وحولها الرعيل الأول إلى منهج حياة، وإلى واقع يتحرك في دنيا الناس.

أيها الشاب الحبيب! تحرك لدين الله، ولدعوة الله، افهم الإسلام بكماله وشموله حتى لا تفتن وتنحرف عن المنهج الحق والطريق السوي، واسمع للعلماء المتحققين، واسع وابذل وقتك ودمك ومالك وولدك وأهلك لتتعلم هذا الدين، وتحرك لتأخذ العلم عن أهله المتحققين به، فإن العلم سبب من أسباب الهداية، وسبب عظيم من أسباب عدم الانحراف عن جادة الطريق، أما إذا ذهب هذا ليأخذ علمه عن الصحافة، أو عن هؤلاء الذين لم يتحلوا بالعلم الشرعي، فإنه حتماً سيضل وسينحرف عن الطريق وعن جادة الصواب، فاجلسوا بين يدي أهل العلم المتحققين به، وخذوا علومكم الشرعية عن هؤلاء العلماء، فإن الأمر دين فانظروا عمن تأخذون دينكم، وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يترك عالماً اتخذ الناس رؤساء جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا).

لا أريد أن أطيل أكثر من هذا.

أسأل الله جل وعلا أن يأجر الإخوة الجالسين تحت حرارة هذه الشمس بأن يقينا الله وإياهم حر جهنم، اللهم حرم وجوهنا على النار، اللهم حرم أجسادنا على النار، اللهم أدخلنا الجنة مع الأبرار.

اللهم لا تدع لأحدٍ منا في هذا الجمع الكريم المبارك ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ديناً إلا أديته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا عاصياً إلا هديته، ولا طائعاً إلا ثبته، ولا حاجة هي لك رضىً ولنا فيها صلاح إلا قضيتها ويسرتها يا رب العالمين.

اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل اللهم فينا ولا منا ولا بيننا شقياً ولا محروماً.

اللهم اهدنا واهد بنا، واجعلنا سبباً لمن اهتدى.

اللهم أنت غياثنا فبك نغوث، اللهم أنت ملاذنا فبك نلوذ، اللهم أنت عياذنا فبك نعوذ، يا منقذ الغرقى، يا منجي الهلكى، يا سامع كل نجوى، يا عظيم الإحسان، يا دائم المعروف، يا ذا الجلال والإكرام، يا ودود، يا ذا العرش المجيد، يا فعال لما يريد، يا ذا البطش الشديد، يا من ملأ نوره أركان عرشه، يا مغيث المستغيثين، ويا مجيب المضطرين، ويا مفرج كرب المكروبين، ويا كاشف هم المهمومين، اللهم فرج كربنا، اللهم اكشف همنا، اللهم أزل غمنا، اللهم ارحم ضعفنا، اللهم اجبر كسرنا، اللهم بين يديك ذل قلوبنا.

اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، اللهم أعلِ بفضلك كلمة الحق والدين، اللهم احمل المسلمين الحفاة، اللهم اكس المسلمين العراة، اللهم أطعم المسلمين الجياع.

اللهم انصر المجاهدين في كل مكان، اللهم فك سجن المسجونين، وأسر المأسورين، اللهم اهدِ شبابنا يا رب العالمين، اللهم احفظ شبابنا، اللهم أصلح شبابنا، اللهم احفظ نساءنا، اللهم استر أخواتنا، اللهم بارك في بناتنا.

{رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:٧٤] اللهم اجعلنا للمتقين إماماً.

اللهم لا تتخل عنا يوم تخلى عنا المعين، اللهم كن لنا ناصراً يوم قل الناصر، اللهم كن للمسلمين ناصراً يوم قل الناصر، يا غياث المستغيثين! هتكت أعراض أخواتنا، وسفكت دماؤنا، وسلبت أرضنا، فاللهم مكن لأمة حبيبك المصطفى، اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا، اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، اللهم اقبلنا وتقبل منا، وتب علينا وارحمنا إنك أنت التواب الرحيم.

اللهم لا تحرم مصرنا من الأمن والأمان، اللهم اجعل مصر سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين، اللهم ارفع عن مصر الغلاء والفتن والبلاء، اللهم اجعل مصر مسلمة لك بقدرتك يا أرحم الراحمين، اللهم استرنا ولا تفضحنا، وأكرمنا ولا تهنا، وكن لنا ولا تكن علينا.

اللهم اشرح صدورنا بالإسلام، واملأ قلوبنا بالإيمان، اللهم ارزقنا الصدق في أقوالنا، والإخلاص في أعمالنا، واليقين في أحوالنا.

اللهم جنبنا الرياء والنفاق، اللهم وطهر قلوبنا من النفاق، اللهم اجمع صفنا، اللهم اجمع شملنا، اللهم ألف بين قلوبنا، اللهم وحد كلمتنا، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم وفق جميع إخواننا الطلاب، اللهم ذلل لإخواننا الطلاب الصعاب، اللهم يسر لهم الأسباب، اللهم فتّح لهم الأبواب، اللهم ذكرهم ما نسوا، اللهم علمهم ما جهلوا، اللهم اربط على قلوبهم، اللهم سدد أقلامهم، اللهم ذلل لهم الصعب، اللهم لا تفجع والديهم يا أرحم الراحمين.

أحبتي في الله! أكثروا من الصلاة والسلام على حبيبنا محمد كما أمرنا الله جل وعلا بذلك في قوله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك على نبينا وحبينا محمد، وعلى آله وصبحه وسلم.

هذا وما كان من توفيق فمن الله، وما كان من خطأ أو سهو أو زلل أو نسيان فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه.