للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإسلام قول وعمل وخلق]

إن العالم الإسلامي فضلاً عن العالم الغربي والشرقي قد عاند منهج الله عز وجل، وأعرض عن ذكر الله عز وجل إلا من رحم الله تبارك وتعالى، فأين قرآن الله جل وعلا؟! أين: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [يوسف:٤٠]؟! أين القرآن في معاملاتنا الاقتصادية، وفي أحكامنا وفي بيوتنا وفي مصانعنا وفي مزارعنا؟! أين أخلاق الإسلام؟! والله لقد اتصلت عليَّ أخت كريمة فاضلة من مدينة رابغ، وهي تبكي في المكالمة وتصرخ وتتألم لما رأته من أحوال المسلمين في الحج، وتقول لي: والله يا شيخ! ونحن نطوف، كانت معنا أخت لنا وجاءتها حالة غيبوبة وحالة إغماء، وجعلنا نبحث عن قطرة ماء فلا نجد؛ لأنه من الصعوبة بمكان أن نترك هذا الزحام الهالك القاتل أثناء الطواف، معذرة! ليس طوافاً ولكنه قتال، ولكنه نزال، ولكنه صراع، ولكن القوي يريد أن يدمر الضعيف، ولكن الرجل لا يراعي للمرأة حرمة ولا يراعي لها نقاباً ولا حجاباً! المرأة التي صرخت يوم أن نزعت ثيابها وكشفت عورتها ماذا كانت النتيجة؟ كانت النتيجة جيوشاً جرارة أجلت اليهود من المدينة، ولكن المسلمة في بيت الله نزع نقابها ونزع حجابها على أيدي يهود؟! على أيدي منافقين؟! كلا، وإنما على أيدي إخوانها من المسلمين وإنا لله وإنا إليه راجعون! تقول: ونظرنا فوجدنا امرأة في الطواف تحمل إبريقاً من الماء البارد وحمدنا الله عز وجل أن كان الماء قريباً منا، وذهبنا وقلنا: نريد قليلاً من الماء، أختك تموت، تقول: والله أبت هذه المسلمة أن تعطينا قطرة ماء! عند بيت الله يا عباد الله! حول بيت الله! أعاد الله أياماً مرت فيها جرعة الماء على الأطهار الأبرار الأخيار فكان كل واحد يؤثر أخاه على نفسه، ومرت جرعة الماء على الجميع حتى عادت مرة أخرى إلى الأول، وكان الكل قد سعد بشهادة وبجنة عرضها السماوات والأرض، أين نحن من هؤلاء؟! أين الإسلام؟! أين أخلاق الإسلام؟ هل الإسلام كلمة؟! الإسلام خلق، الإسلام واقع، الإسلام تعامل، الدين المعاملة، أين إسلامنا العظيم؟! أين الرحمة؟! أين الحب؟! أين السماحة؟! أين الود؟! أين القرب؟! أين قوله عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)؟ أين قوله عليه الصلاة والسلام: (الرحماء يرحمهم الرحمن)؟ أين قوله عليه الصلاة والسلام: (مثل المؤمنين في تراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد)؟ أين هو الجسد الواحد، بل إن المسلم أصبح ينهش في هذا الجسد، ولو استطاع أن يأكله لأكله، بل ووالله إنا لنأكله في الليل والنهار وهو ميت، كما قال ربنا جل وعلا: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات:١٢].