للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عدم جواز رد الأدلة الصريحة لقول أبي حنيفة رحمه الله]

لا يجوز -يا مسلمون- لأيِّ منصف على وجه الأرض بعد هذه الأدلة الناصعة من القرآن والأحاديث الصحيحة الصريحة من سنة النبي عليه الصلاة والسلام أن يحتج علينا بقول لـ أبي حنيفة رحمه الله أجاز فيه النكاح بدون ولي محتجاً بالقياس على البيع، بمعنى: أن المرأة تستقل ببيع سلعتها ومن ثم فلها أن تزوج نفسها! هذا قياس فاسد الاعتبار؛ لأنه قياس مع وجود نص، والقاعدة الأصولية تقول: لا قياس مع النص، هذا باتفاق علماء الأصول، والذي أدين به تبجيلاً مني لـ أبي حنيفة رحمه الله: أن الدليل الصريح في هذه المسألة لم يبلغه، وهذا لا يقدح في علم أبي حنيفة فإن من الصحابة رضي الله عنهم من لم يبلغه الدليل في كثير من المسائل، بل وأنا أكاد أجزم أن أبا حنيفة لو بلغه الدليل في هذه المسألة -أي: الدليل الصريح- لقال به، ولم لا! وأبو حنيفة رحمه الله هو القائل: إذا صح الحديث فهو مذهبي، وهو القائل: لا يحل لأحد أن يقول بقولنا حتى يعلم من أين قلنا؟ وستعجبون إذا علمتم أن الإمام الطحاوي رحمه الله قد ذكر في شرح معاني الآثار: أن أبا يوسف ومحمد بن الحسن -وهما أتبع الناس لـ أبي حنيفة، وأعلمهم بقوله- خالفا أبا حنيفة في هذه المسألة، بل وفي كثير من المسائل الأخرى وقالا: لا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها إلا بإذن وليها، فهل يجوز بعد ذلك لمسلمة أو مسلم أن يقدم قول أبي حنيفة على قول الله جل وعلا أو على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!