للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الولاء والبراء في الله]

انطلق ثمامة إلى اليمامة فمنع الميرة عن قريش، وقال: (والله لا تصل إليهم حبة حنطة بعد اليوم إلا أن يأذن رسول الله) إنه الولاء لله ورسوله والمؤمنين! إنه البراء المعلن من الشرك والمشركين.

فلابد من هذه المفاصلة، ولابد من هذا الفرقان، فإنك إن عشت طوال حياتك حالة الغبش التي يحياها كثير من المسلمين اليوم، فلن تنصر ديناً ولن تنشر سنة.

لا تكن مذبذباً بين هؤلاء وهؤلاء، فهناك صنف من الناس الآن كالشاة العائرة بين الغنمين تيعر إلى هذه مرة، وهي لا تسير مع هذه الأغنام، ثم تأتي في المنتصف لتيعر إلى هذه مرة، وهي لا تسير أيضاً مع هذه الأغنام، وهذا شأن النفاق وأهله، فهم مذبذبون لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.

ترى أحدهم إن جلس مع عامة المسلمين مع بداية انتخابات مقبلة لمجلس شعب أو لمجلس شورى، إن جلس مع أهل الالتزام والسنة قال: قال الله جل وعلا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا والله أحب اللحية وأحب الحجاب، بل وأنا ألزم بناتي بذلك! فإن جلس مع غير هذا الصنف الكريم، وجلس مع العلمانيين المجرمين ممن يعزفون على وتر التحرر والمدنية والبعد عن الرجعية! ومحاربة التزمت والتخلف والرجعية إلى آخر هذه التهم المعلبة! إن جلس معهم قال: أعوذ بالله، عقول جامدة متخلفون متأخرون رجعيون متنطعون أصوليون وصوليون فوضويون! وحاله كما وصف الله فقال: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [البقرة:١٤ - ١٥].

إن قلت قال الله قال رسوله همزوك همز المنكر المتغالي أو قلت قال الصحابة والأولو تبعٌ لهم في الفضل والأعمال أو قلت قال الشافعي وأحمد وأبو حنيفة والإمام الغالي صدوك عن وحي الإله ودينه واحتالوا على حرام الله بالإحلال يا أمة لعبت بدين نبيها كتلاعب الصبيان في الأوحال حاشى رسول الله يحكم بالهوى والجهل تلك حكومة الضلال {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة:٢٠٤ - ٢٠٥].

أعلن ثمامة المفاصلة الحاسمة بصدق، فلنقتد به، ولنخرج من حالة الغبش والتذبذب بين الإيمان والنفاق بين أهل الإيمان تارة وأهل النفاق تارة، بين أهل الطاعة تارة وأهل المعصية تارة، بين أهل السنة تارة وأهل البدع تارة، فبهذا لا تصح لك حياة، وبهذه الشاكلة وبهذا الغبش يحيا الآن كثير من الناس! لابد من أن تعلن المفاصلة، ولابد أن تستبين سبيل المجرمين من سبيل المؤمنين، ولابد من إقامة الفرقان الإسلامي الآن؛ لأن كثيراً ممن ينتمون إلى الإسلام، بل من الكتاب والمفكرين والأدباء يغنون للحاكم بالإشتراكية إن كان الحاكمُ إشتراكياً، ويرقصون ويعزفون على الديمقراطية المزعومة إذا كان الحاكم ديمقراطياً، فهم يركبون كل موجة ويعيشون في كل بيئة، ويتلونون بلون كل أرض، فهم يعيشون حالة غبش وتذبذب لا ينبغي لمسلم صادق يحترم نفسه أن يحيا هذه الحياة أبداً.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [الممتحنة:١] نداء لأهل إيمان: {لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} [الممتحنة:١] وقال الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران:١١٨].

وقال الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:٥١].

أتحب أعداء الحبيب وتدعي حباً له؟! إن حبيب حبيبي حبيبي، وعدو حبيبي عدوي، هذا هو الولاء، وهذه قاعدة الولاء والبراء: حبيب حبيبي حبيبي وعدو حبيبي عدوي، من أحب الله ورسوله فهو حبيبي في أي أرض وتحت أي سماء، ومن عادى الله ورسوله فهو عدوي فوق أي أرض وتحت أي سماء!! أتحب أعداءَ الحبيب وتَدَّعي حباً له ما ذاك في الإمكان وكذا تعادي جاهداً أحبابه أين المحبة يا أخا الشيطان إن المحبة أن توافق من تحب على محبته بلا نقصان فإن ادعيت له المحبة مع خلافك ما يحبُ فأنت ذو بهتان وقال آخر: لو صدقت الله فيما زعمته لعاديت من بالله ويحك يكفر وواليت أهلَ الحقِ سراً وجهرة ولما تعاديهم وللكفر تنصر فما كل من قد قال ما قلت مسلمٌ ولكن بأشراطِ هُنالك تُذكر مباينة الكفار في كل موطن بذا جاءنا النص الصحيح المقرر وتصدع بالتوحيد بين ظهورهم وتدعوهم سراً لذاك وتجهر هذا هو الدين الحنيفي والهدى وملة إبراهيم لو كنت تشعر {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران:٦٨].

فنحن أولى الناس بإبراهيم عليه السلام.

أعلن ثمامة الفرقان، أعلن ثمامة المفاصلة: (والله لا تصل إليكم حبة حنطة إلا أن يأذن فيها رسول الله)