للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تلقين المحتضر]

ما هو أول حكم من أحكام الموت؟ تلقين المحتضر الذي نام على فراش الموت، فإذا حضره الموت وجب على من عنده أمور: الأول: أن يلقنوه الشهادة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، فمن كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة)، وقال عليه الصلاة والسلام: (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله عند الموت دخل الجنة يوماً من الدهر، وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه) أي: من العذاب.

وكان يقول عليه الصلاة والسلام: (من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة)، وفي الحديث: (من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة)، وهذه الروايات كلها رواها الإمام مسلم في صحيحه، والزيادة في الحديث الأول لم ترد في صحيح مسلم، وإنما وردت في صحيح ابن حبان.

إذاً: أول حكم من أحكام الموت: إذا نام المحتضر على فراش الموت وجب على أهله المحيطين به أن يلقنوه كلمة التوحيد، فمن وفق لهذه الكلمة دخل الجنة، ولا يوفق للنطق بها إلا الموفق، ولا يرزق أحد النطق بها إلا المسدد.

فليس كل أحد يستطيع في هذه اللحظات أن ينطق بلا إله إلا الله، قال تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} [إبراهيم:٢٧]،قال ابن عباس: هو قول: لا إله إلا الله: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم:٢٧].

ويقتضي عدل الله سبحانه: أن من عاش على التوحيد مات على التوحيد، وبعث في زمرة الموحدين.

قال عليه الصلاة والسلام: (من مات على شيء بعث عليه).

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: لقد أجرى الله الكريم عادته بكرمه أن من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه، فمن عاش على الطاعة مات على الطاعة، وبعث على الطاعة، ومن عاش على الصلاة مات على الصلاة، وبعث على الصلاة، ومن مات على معصية بعدما عاش دهره وحياته على المعصية، بعث على ذات المعصية، فمن مات وفي يده كأس الخمر بعث يوم القيامة وهو يحمل بيده كأس خمر، ومن مات وهو يزني بعث يوم القيامة بهذه الفضيحة، ومن مات وهو سارق بعث يوم القيامة وهو يحمل على كتفه ما سرق: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران:١٦١]، نسأل الله أن يسترنا في الدنيا والآخرة إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.