للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الخضوع بالقول]

المظهر الثالث من مظاهر التبرج الذي حرمه الله جل وعلا وحرمه النبي صلى الله عليه وسلم: الخضوع بالقول، والله تبارك وتعالى يأمر أشرف نساء الدنيا وأطهر نساء العالمين، اللواتي ترعرعن في بيت النبوة وشربن من نهر الوحي وسمعن القرآن غضاً طرياً من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب:٣٢] ولم يقف الأمر عند الخضوع بالقول كلا، وإنما يتدخل الأمر الإلهي ليحدد موضوع الحوار بين الرجل والمرأة: {وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً} [الأحزاب:٣٢].

الأمر لمن، وفي أي عهد وعصر؟ الأمر لأطهر نساء العالمين وفي عهد الصفوة المختارة، والنبوة الكريمة يأمرهن الله جل وعلا إن تكلمن مع الأجانب ومع غير المحارم ألا يرققن القول، وألا تلين المرأة القول، لماذا؟ لأن أصحاب القلوب المريضة في كل زمان ومكان تجاه كل امرأة ولو كانت زوج النبي صلى الله عليه وسلم.

وهناك بعض المتطورين والمتشددين والمفكرين قالوا: إن هذا الأمر خاص بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم أعوذ بالله! أطهر نساء العالمين وأشرفهن يأمرهن الله جل وعلا بعدم الخضوع في القول، ويحدد لهن مسار الحياط: {وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً} [الأحزاب:٣٢]؛ لأن موضوع الحوار ربما يكون أكثر تأثيراً من طريقة الحوار وأسلوب الحوار، فلا يجوز أبداً أن يكون بين المرأة والرجل الأجنبي هدر ولا هزل ولا مزاح ولا نظرة خائنة ولا حركة مؤثرة ولا ينبغي أن تتكلم معه في موضوعات يعف الرجل الحيي أن يتحدث فيها في المكاتب وغيرها من المصالح، واليوم تتكلم المرأة مع الرجل الأجنبي في أدق ما خص أمور المرأة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! يأمر الله أطهر النساء بعدم الخضوع في القول وأن يقلن قولاً معروفاً، ولكن هذا الأمر بعيد عمن يتغنجن في قولهن ويتكسرن في مشيتهن، ويجمعن كل فتن الأنوثة، ويطلقنها قنابل محرقة في قلوب الشباب والرجال إنا لله وإنا إليه راجعون! هكذا تقلب الحقائق حتى صارت البدعة سنة، والمنكر معروفاً، والحلال حراماً إلا من رحم الله جل وعلا.

نكمل المظهر الرابع من مظاهر التبرج بعد جلسة الاستراحة وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.