للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[غنى الله عن العالمين]

حدد

الجواب

من تعبد؟ لمن تسمع؟ من تطيع؟ سؤال مهم يحتاج إلى تكرار، بل ولا ينبغي أن نمل من طرحه؛ من أجل ذلك شن الإسلام حملة ضارية على الشرك، وبين خطر الشرك، وبين أن التوحيد هو طريق النجاة الأوحد، ففي الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً رسول الله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل)، وفي رواية عتبان بن مالك: (فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله عز وجل)، {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [الحج:٦٢].

وأنا أقول لكم أيها الأحبة: والله لو تخلى الخلق على وجه الأرض عن عبادة الله جل وعلا ما ضروا إلا أنفسهم، فإن الله غني عن خلقه، لا تنفعه الطاعة، ولا تضره المعصية، بل إن الكون كله يسبح الله ويوحد الله، انظر إلى السماء وارتفاعها، انظر إلى الأرض واتساعها، انظر إلى الجبال وأثقالها، انظر إلى الأفلاك ودورانها، انظر إلى البحار وأمواجها، انظر إلى كل ما هو متحرك، وإلى كل ما هو ساكن، فوالله إن الكل يقر بتوحيد الله، ويعلن الشكر لله، ولا يغفل عن ذكر مولاه إلا من كفر من الإنس والجن ولا حول ولا قوة إلا بالله.

قال جل وعلا: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج:١٨]، كل شيء في الكون يسجد لله ويوحد الله عز وجل، {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الإسراء:٤٤]، {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء:١٩ - ٢٠]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:٦].

وفي صحيح مسلم من حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم عن رب العزة في الحديث القدسي وفيه: (يا عبادي! إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجداً خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه).