للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تزكية الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه، واستن بسننه، واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد: فحياكم الله جميعاً أيها الأحبة الكرام! وطبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم من الجنة منزلاً، وأسأل الله جل وعلا أن يجمعني وإياكم في هذه الدنيا دائماً وأبداً على طاعته، وفى الآخرة مع سيد الدعاة وإمام النبيين في جنته، ودار كرامته، إنه ولى ذلك والقادر عليه.

أحبتي في الله! إننا في هذه الليلة على موعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أحلى أن يكون اللقاء معه! وما أجمل أن تكون الكلمات عنه! ورب الكعبة مهما أوتيتُ من فصاحة البيان وبلاغة الأسلوب والتبيان، فلن أستطيع أن أوفي الحبيب قدره، كيف لا وهو حبيب الرحيم الرحمن؟! {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص:٦٨].

فلقد خلق الله الخلق واصطفى من الخلق الأنبياء، واصطفى من الأنبياء الرسل، واصطفى من الرسل أولي العزم الخمسة، واصطفى من أولي العزم الخمسة إبراهيم ومحمداً، واصطفى محمداً على جميع خلقه.

زكاه ربه، ومن زكَّاه ربه فلا يجوز لأحد من أهل الأرض قاطبةً أن يظن أنه يأتي في يوم من الأيام ليزكيه، بل إن أي أحد وقف ليزكي رسول الله، وليصف رسول الله، وليتكلم عن قدر رسول الله، فإنما يرفع من قدر نفسه، ومن قدر السامعين بحديثه عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.

زكَّاه ربه في كل شيء: زكَّاه في عقله فقال جل وعلا: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم:٢]، وزكَّاه في بصره فقال جل وعلا: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} [النجم:١٧]، وزكَّاه في صدره فقال جل وعلا: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح:١]، وزكَّاه في ذكره فقال جل وعلا: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح:٤]، وزكَّاه في طهره فقال جل وعلا: {وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ} [الشرح:٢]، وزكَّاه في صدقه فقال جل وعلا: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم:٣]، وزكَّاه في علمه فقال جل وعلا: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم:٥]، وزكَّاه في حلمه فقال جل وعلا: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:١٢٨]، وزكَّاه في خلقه كله فقال جل وعلا: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:٤] صلى الله عليه وعلى آله وسلم، الله أكبر! ومما زادني فخراً وتيهاً وكدت بأخمصي أطأ الثريا دخولي تحت قولك يا عبادي وأن أرسلت أحمد لي نبياً من أنا؟! ومن أنت؟! لنتشرف بأن يكون حبيبنا ونبينا ورسولنا هو ابن عبد الله المصطفى صلى الله عليه وسلم.