للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإيمان له حقيقة ونور وطعم وحلاوة]

أيها الأحبة الكرام! إن الإيمان ليس كلمة تقال باللسان فحسب، ولكن الإيمان قول باللسان، وتصديق بالجنان، وعمل بالجوارح والأركان، فالإيمان له حقيقة، والإيمان له طعم، والإيمان له حلاوة، والإيمان له نور، وخذ الأدلة على كل كلمة.

الإيمان له حقيقة، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح:٤]، فالإيمان قول، وتصديق، وعمل، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.

حال الإيمان في قلبك في المسجد يختلف تماماً عن حال الإيمان في قلبك وأنت أمام مسلسل من المسلسلات، أو أمام فيلم من الأفلام، أو أمام مباراة من المباريات، شتان شتان بين حال الإيمان في قلبك في المسجد، وبين حال الإيمان في قلبك وأنت بعيد عن طاعة الرحمن جل وعلا، فالإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعاصي والزلات.

قال حبيبنا صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي رواه الطبراني والحاكم في المستدرك بسند حسن من حديث عبد الله بن عمر: (إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب -أي: كما يبلى الثوب- فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم)، فالإيمان يحتاج إلى تجديد.

أما طعم الإيمان فروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً).

والإيمان له حلاوة: روى البخاري ومسلم من حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار).

والإيمان له نور، ولا تصرف لفظة النور عن ظاهرها، فقد جاء في الحديث الذي رواه الديلمي وأبو نعيم، وحسنه الألباني من حديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من القلوب قلب إلا وله سحابة كسحابة القمر فبينا القمر مُضيء إذ علته سحابة فأظلم، فإذا تجلت عنه أضاء)، كذلك الإيمان له نور في القلب، فإذا تحركت سحابة كثيفة مظلمة من سحب المعاصي والذنوب حجبت تلك السحابة نور الإيمان في القلوب كما تحجب سحابة السماء الكثيفة المظلمة نور القمر عن الأرض، فإذا انقشعت السحابة أضاء القمر في الأرض مرة أخرى، كذا إذا انقشعت سحب المعصية أضاء الإيمان في القلب مرة أخرى كما يضيء القمر في أفق السماء، فالإيمان له حقيقة، وله طعم، وله نور، وله حلاوة.