للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حقيقة الإسماعيلية وفرقها ومعتقداتها]

بإيجاز شديد جداً سأتكلم عن الإسماعيلية والزيدية، ولن أطيل لأتحدث بعد ذلك إن شاء الله تعالى عن الفرقة المشهورة الكبيرة التي ملأت الأرض اليوم، ألا وهي فرقة الإثني عشرية.

الإسماعيلية فرقة كبيرة من فرق الشيعة، وهي التي قالت بإمامة إسماعيل بن جعفر الصادق، وبإمامة محمد بن إسماعيل من بعده، سميت بالإسماعيلية؛ لأنها تقول بإمامة إسماعيل بن جعفر الصادق، ثم بإمامة محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، فسميت بالإسماعيلية نسبة إليه.

أوجز معتقدها بإيجاز شديد جداً الإمام الغزالي صاحب الإحياء، وقد ألف كتاباً رهيباً في فضح معتقد الشيعة الإسماعيلية، وسماه ((فضائح الباطنية))، وهو كتاب قوي جداً في هذا الباب، يقول: (مجمل معتقد الإسماعيلية أن ظاهره الرفض، وباطنه الكفر المحض، ومفتتحه حصر مدارك العلوم في قول الإمام المعصوم).

ثم فصل القول في معتقدهم، ولا أريد أن أقف مع هذه الفرقة لأنني أريد أن أقف مع أخطر فرقة نراها على ظهر الأرض اليوم.

وقال الإمام ابن الجوزي في كتابه الماتع (تلبيس إبليس): (فمحصول قولهم تعطيل الصانع، وإبطال النبوة والعبادات، وإنكار البعث، ولكنهم لا يظهرون هذا في أول أمرهم، بل يزعمون أن الله حق، وأن محمداً رسول الله، لكنهم يقولون: لذلك سر غير ظاهر، وقد تلاعب بهم إبليس فبالغ، وحسن لهم مذاهب مختلفة).

وقال الإمام الرازي في كتابه: (اعتقادات فرق المسلمين والمشركين): (اعلم أن الفساد اللازم من هؤلاء -يعني: من الإسماعيلية الباطنية- على الدين الحنيفي أكثر من الفساد اللازم عليه من جميع الكفار، وهم عدة فرق، ومقصودهم على الإطلاق إبطال الشريعة، ونفي الصانع، ولا يؤمنون بشيء من الملل، ولا يعترفون بالقيامة، إلا أنهم لا يتظاهرون بهذه الأشياء).

ومن الإسماعيلية انبثقت فرق كثيرة، فلا نغتر بالمسميات فإنه لا مشاحة في الاصطلاح، انبثقت من الإسماعيلية: القرامطة، والحشاشون، والفاطميون الذين خربوا معتقد أهل مصر، بحجة أنهم كانوا يرفعون راية حب أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، والعجيب أنه قد خرج علينا من أهل العلم في عصرنا ممن يشار إليهم بالبنان من يدافع عن الباطنيين وعن معتقداتهم الفاسدة الباطلة! فكل ما نجنيه الآن من ثمار البدع المرة، ما أدخلها إلى مصر بعد الفتح الإسلامي إلا الفاطميون، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فمن الإسماعيلية انبثقت القرامطة، والحشاشون، والحشاشون فرقة، وليس المراد بالحشاشين ما يتبادر إلى الذهن من أول الكلمة.

انبثق القرامطة والحشاشون والفاطميون والدروز وغيرهم، وللإسماعيلية فرق متعددة، ووجوه مختلفة وألقاب كبيرة، يقول الشهرستاني: (وأشهر ألقابهم الباطنية، وإنما لزمهم هذا اللقب لحكمهم بأن لكل ظاهر باطناً).

ومسألة التأويل الباطني جعلوها رسالة جديدة حملها الأئمة بعد قيام الرسول صلى الله عليه وسلم بتبليغ الظاهر، يقولون: هذه الرسالة هي رسالة لتوضيح باطن النصوص؛ النصوص لها ظاهر ولها باطن، وأرجو أن تركزوا معي في كل كلمة، فإن لكل كلمة معنى ومغزى، فالمراد بالباطن أنه لا يكون إلا للأئمة، أما الظاهر فهذه وظيفة الرسول، الرسول ما عليه إلا أن يأتي بالنص، أما الغوص على درر النص والوقوف على كوامنه من الفتوحات والإشراقات والإلهامات فلا يكون إلا للأئمة، وسلك هذا الدرب الصوفية، فلا يمكن ألبتة أن تظهر فرقة شيعية إلا وهي ملتحفة بعباءة الصوفية، كادعاء حب آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأرجو أن تنتبهوا.

الباطنية جعلوا مسألة التأويل الباطني رسالة عظيمة جديدة حملها الأئمة، ولم يقدر على حملها الأنبياء والرسل، فهذه مجموعة أربع رسائل إسماعيلية: الرسالة الأولى: مسائل مجموعة من الحقائق والأسرار (ص:٣٠) يقول المؤلف فيها: (لما كان الدين ظاهراً وباطناً قام النبي صلى الله عليه وسلم بتبليغ الظاهر، وصرف إلى وصيه -أي: إلى الإمام الذي أوصى النبي بإمامته من بعده- نصف الدين الآخر وهو الباطن.

وعلم التأويل هو معجزة الأئمة كما أن علم التنزيل هو معجزة الرسول) أي: القرآن، وهم يحاولون بهذه الوسيلة هدم كل النصوص التي قام عليها كيان الإسلام.

وذكر الكوثري في كتاب (مقدمة في كشف أسرار الباطنية) عدداً من ألقابهم، فذكر أنهم يسمون في مصر بالعبيدية، نسبة إلى عبيد المعروف، وبالشام بالنصيرية والدروز، وفي فلسطين بالبهائية، وفي الهند بالبهرة والإسماعيلية، وفي اليمن باليامية نسبة إلى قبيلة مشهورة في اليمن بهذا الاسم، وفي بلد الأكراد يسمون بالعلوية، حيث يقولون: علي هو الله، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيرا، ويعرفون ويسمون في بلاد الترك بالبكتاشية والقزلباشية، على اختلاف منازعهم، وفي بلاد العجم يعرفون بالبابية، ولهم فروع إلى يومنا هذا، تلبس لكل قرن لبوسه، وتظهر لكل قوم بمظهر تقضي به البيئة، وقدماؤهم كانوا يسمون أنفسهم بالإسماعيلية باعتبار تميزهم عن فرق الشيعة الأخرى بهذا الإسلام أي: لانتسابهم إلى إسماعيل بن جعفر الصادق، هذا إيجاز شديد جداً عن فرقة الإسماعيلية كفرقة كبيرة من فرق الشيعة.