للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[علاقة الإسلام بالإيمان]

كان لقاؤنا الماضي يدور حول بعض الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها المعلم أو العالم، فتعالوا بنا أيها الأحبة في هذه الليلة المباركة، وفي هذا اللقاء الطيب، لنتعرض إلى أول سؤال سأله هذا السائل لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

جلس هذا السائل بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام وقال له: (يا محمد! أخبرني عن الإسلام).

والإسلام لغة: هو الانقياد والإذعان، أما معناه من الناحية الشرعية إذا أطلق فله حالتان: الحالة الأولى: إذا أطلق اسم الإسلام دون أن يقترن بالإيمان، فهو في هذه الحالة يراد به الدين كله، من الأقوال والاعتقادات والأفعال والأعمال، لقول الله جل وعلا: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} [آل عمران:١٩]، ولقول الله جل وعلا: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:٨٥].

فإذا جاءت كلمة الإسلام دون أن تقترن بكلمة الإيمان، فحينئذ يراد بالإسلام: الدين كله.

أما إذا ذكرت كلمة الإسلام مقترنة بكلمة الإيمان، فيراد بالإسلام: الأقوال والأعمال الظاهرة، ويراد بالإيمان: الأعمال الباطنة، لقول الله جل وعلا: {قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات:١٤]، فإذا أطلق الإسلام مع الإيمان فإن الإسلام يراد به: أقوال وأعمال الظاهر، ويراد بالإيمان: أعمال الباطن.

ويقول الإمام الخطابي رحمه الله: معنى ذلك: أن كل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمناً.

فالإسلام والإيمان إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا، أي: إذا اجتمعت كلمة الإسلام مع كلمة الإيمان افترقا فأصبح الإسلام له معنى، والإيمان له معنى آخر.

ومعنى: (إذا افترقا اجتمعا) أي: إذا أطلقت كلمة الإسلام فحينئذٍ يراد بها الإسلام والإيمان، وإذا أطلقت كلمة الإيمان فحينئذٍ يراد بها الإسلام والإيمان.

فالسائل يقول: (أخبرني عن الإسلام؟) فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت).

فلنتعرض إلى أول ركن من أركان هذا الإسلام العظيم، وهو: شهادة أن لا إله إلا الله.

قال: (الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله)، و (لا إله إلا الله) هي كلمة التوحيد والإخلاص، ولقد قسمنا التوحيد قبل ذلك إلى ثلاثة أقسام، فأعيروني القلوب والأسماع لنجمل ما وضحناه من أقسام التوحيد الثلاثة، ألا وهي: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.