للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أكبر هم ينبغي لكل مسلم أن يحمله]

لابد من مصارحة للنفس، نقب عن الهم الأول في خريطة همومك التي تحملها في هذه الحياة الدنيا، أنت ما خلقت إلا لدين الله ولعبادة الله، ولطاعة الله، قال جل في علاه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:٥٦]، هذه هي الغاية، وتلك هي الوظيفة التي تحولت في حياتنا إلى فرع بل إلى لا شيء في حس كثير ممن ينتسبون إلى هذا الدين، وظن قطاع عريض من المسلمين أن الدعوة إلى الله، وأن بذل الجهد لدين الله إنما هو أمر مقصور على فئة من العلماء الصادقين، والدعاة المخلصين، وهذا ورب الكعبة وهم كبير؛ فإننا جميعاً أيها الأخيار ركاب سفينة واحدة إن نجت هذه السفينة نجونا، وإن هلكت هلكنا، كما في صحيح البخاري من حديث النعمان بن بشير أن البشير النذير صلى الله عليه وسلم قال: (مثل القائم على حدود الله، والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها، وأصاب بعضهم أسلفها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أننا خرقنا في نصيبنا خرقاً؛ حتى لا نؤذي من فوقنا، يقول المصطفى: لو تركوهم وما أرادوا لهلكوا جميعاً، ولو أخذوا على أيديهم لنجوا ونجوا جميعاً).

فنحن جمعياً ركاب سفينة واحدة، إن هلكت السفينة هلك الصالحون مع الطالحين، هلك المتقون مع المفسدين، ويبعث بعد ذلك كل واحد على نيته يبعث كل واحد على ما مات عليه، فالعمل للدين ليس مسئولية العلماء والدعاة فحسب، بل هو مسئولية كل مسلم ومسلمة ينبض قلبه بحب هذا الدين، وبالولاء والبراء، وبحب عقيدة لا إله إلا الله.

بكل أسف فرق قطاع عريض من الأمة بين حقيقة الانتماء لهذا الدين وبين العمل له، لا معنى إطلاقاً لأن تكون منتمياً للإسلام دون أن تبذل للإسلام أي شيء، لا معنى لانتمائك هذا البتة! ما معنى انتمائك للإسلام ولهذا الدين؟ لا تفرق بين انتمائك وعملك، لا تفرق بين انتمائك وجهدك، لا تفرق بين انتمائك وحركتك لدين الله في الليل والنهار على حسب قدرتك وإمكانياتك واستطاعتك.