للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من عاش على شيء مات عليه]

أيها الحبيب! استقم على الطاعة فإنك لا تدري متى سيأتيك ملك الموت: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت:٤٦].

لقد أجرى الله الكريم عادته بكرمه أن من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه، وفي صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله أنه صلى الله عليه وسلم قال: (يبعث كل عبد على ما مات عليه).

فيا من عشت على الطاعة، ويا من عشت على التوحيد، اعلم بأنك ستموت على الطاعة والتوحيد، وستبعث يوم القيامة على الطاعة والتوحيد، وقد ورد في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أنه صلى الله عليه وسلم قال: (فوالله الذي لا إله غيره! إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون يبنه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها).

وفي صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الأعمال بالخواتيم)، فلا تغرنك الطاعة يا عبد الله، فبادر إلى الطاعة والاستقامة عليها، لأنك لا تدري متى سيأتيك ملك الموت، واعلم أن كل عبد يبعث على ما مات عليه، ووالله لقد مزق الخوف من سوء الخاتمة قلوب الصادقين من الموحدين، فقد كان سلفنا الصالح يخافون من سوء الخاتمة، حتى قال أحدهم: أخاف أن يسلب مني الإيمان وأنا على فراش الموت: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت:٤٦].

وكان مالك بن دينار يقوم في الليل البهيم الأسود، ويقبض على لحيته ويبكي، ثم ينظر إلى السماء ويقول: يا رب! لقد علمت ساكن الجنة من ساكن النار، ففي أي الدارين منزل مالك بن دينار.