للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خروج العباس إلى حدود مكة وإسلام أبي سفيان]

وخرج العباس يركب بغلة النبي البيضاء، وذهب إلى مشارف وحدود مكة لعله يجد حطاباً أو يجد رجلاً يذهب إلى قريش ليخرجوا يستأمنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل عليهم مكة عنوة.

يقول العباس عم الحبيب صلى الله عليه وسلم: فسمعت -والله- صوت أبي سفيان وبديل بن ورقاء يتراجعان ويتكلمان وهذا أبو سفيان بن حرب سيد مكة وزعيمهم في أحد والخندق، وهو يختلف عن أبي سفيان بن الحارث الذي ذكرت آنفاً.

يقول العباس: سمعت أبا سفيان وبديل بن ورقاء يتراجعان، يقول أبو سفيان: والله ما رأيت نيراناً ولا عسكراً قط مثل هذه أبداً.

فيرد عليه صاحبه بديل بن ورقاء ويقول له: إنها قبيلة خزاعة التي اعتدينا عليها قبل ذلك، إنها خزاعة حمشتها الحرب.

فيقول أبو سفيان الذكي العبقري: لا والله إن خزاعة أذل وأقل من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها.

إنه رجل حرب ورجل ميدان.

يقول العباس: فعرفت صوت أبي سفيان فقلت: أبا سفيان.

فعرف أبو سفيان صوت العباس فقال: أبا الفضل.

فقال العباس: نعم.

فقال: مالك بأبي أنت وأمي.

فقال له العباس: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجيش، واصباح قريش والله! فقال أبو سفيان: فما العمل فداك أبي وأمي؟! قال: والله لو أدركك رسول الله ليضربن عنقك، فاركب معي لأستأمن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فركب أبو سفيان بغلة رسول الله خلف العباس وباختصار حتى لا أطيل أسلم أبو سفيان في اليوم التالي، ولكن العباس يعرف نفسية أبي سفيان، فقال: يا رسول الله! إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئاً.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (نعم.

من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل بيته وأغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن) والحديث صحيح، وفي رواية مسلم: (ومن ألقى سلاحه فهو آمن).