للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[انهيار بناء الأخوة بين أبناء العقيدة]

أولاً: حقيقة الأخوة: أحبتي في الله: لقد أصبحت الأمة الآن غثاء من النفايات البشرية، تعيش على ضفاف مجرى الحياة الإنسانية كدويلاتٍ متناثرة بل متصارعة متحاربة، تفصل بينها حدودٌ جغرافية مصطنعة، ونعرات قومية جاهلية، وترفرف على سماء الأمة رايات القومية والوطنية، وتحكم الأمة قوانين الغرب العلمانية، إلا ما رحم ربك جل وعلا.

وتدور بالأمة الدوامات السياسية فلا تملك الأمة نفسها عن الدوارن، بل ولا تختار لنفسها حتى المكان الذي تريد أن تدور فيه، ذلت بعد عزة، وجهلت بعد علم، وضعفت بعد قوة، وأصبحت في ذيل القافلة بعد أن كانت الأمة بالأمس القريب جداً تقود القافلة كلها بجدارةٍ واقتدار.

وأصبحت الأمة الآن تتسول على موائد الفكر العلمي والإنساني، بعد أن كانت الأمة بالأمس القريب منارةً تهدي الحيارى والتائهين ممن أحرقهم لفح الهاجرة القاتل، وأرهقهم طول المشي في التيه والظلام، بل وأصبحت الأمة الآن تتأرجح في سيرها، بل ولست مبالغاً إن قلت: ولا تعرف طريقها الذي ينبغي أن تسلكه وتسير فيه، بعد أن كانت الأمة بالأمس القريب جداً الدليل الحاذق الأرب في الدروب المتشابكة، والصحراء المهلكة التي لا يهتدي للسير فيها إلا المجربون، لقد أصبحت الأمة الآن قصعة مستباحة لأحقر وأخزى وأذل أمم الأرض، وصدق في الأمة قول الصادق الذي لا ينطق عن الهوى، بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، كما في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود من حديث ثوبان: (يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: أو من قلة نحن يومئذٍ يا رسول الله؟ قال: كلا.

ولكنكم يومئذٍ كثير ولكن غثاء كغثاء السيل، وليوشكن الله أن ينزع المهابة من قلوب عدوكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن، قيل: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت).

لقد طمع في الأمة الآن كما ترون جميعاً الذليل قبل العزيز، والقاصي قبل الداني، بل والضعيف قبل القوي، وتجرعت الأمة الآن كئوس الذل والهوان، آهٍ يا مسلمون!

متنا قروناً والمحاق الأعمى يليه محاقُ

أي شيءٍ في عالم الغاب نحن آدميون أم نعاج نساقُ

نحن لحمٌ للوحش والطير منا الجثث الحمر والدم الدفاقُ

وعلى المحصنات تبكي البواكي يا لعرض الإسلام كيف يراقُ

قد هوينا لما هوت وأعدوا وأعدوا من الردى ترياقُ

واقتلعنا الإيمان فاسودت الدنيا علينا واسودت الأعماقُ

وإذا الجذر مات في باطن الأرض تموت الأغصان والأوراقُ

آه يا مسلمون، سراييفوا تُباد كوسوفا تباد

القدس تُباد والعالم كله خسة وخيانة ونفاق

كوسوفا من دولة المجد عثمان أبوها والفاتح العملاق

كوسوفا من قلب مكة بالتوحيد يعلو لواؤها الخفاق

تركوها وحولها من كلاب الصرب طوقٌ من خلفه أطواق

قدمتها الصلبان للصرب قرباناً وللصرب كلهم عشاق

ووالله لو فعلنا بالصرب ما فعلوه لرأينا مثل الذي رآه العراق