للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ويمكرون ويمكر الله]

عباد الله! لقد سمعنا أن أمريكا مدت المجاهدين بالسلاح وبالمعونات وغيرها، فهل أمدتهم لسواد عيونهم؟ هل أمدتهم لحبها لهم؟ لا والله، ومن فهم ذلك فهو بعيد كل البعد عن واقع الأمة وحياتها، وعن المخططات التي تدبر للأمة في الليل والنهار، وما مدت أمريكا المجاهدين بالسلاح أو بغيره إلا لسببين اثنين: السبب الأول: هو إطالة مدة القتال لإجهاض روسيا التي هي في هذا الوقت القوة الوحيدة المجابهة لقوة هؤلاء الغربيين، فأرادت هذه القوة الغربية، إجهاض روسيا من الناحية العسكرية، ومن الناحية الاقتصادية، وهذا ما أقر به الكافر قبل المسلم من المحللين وغيرهم، والحرب الأفغانية هي السبب الرئيسي لإجهاض روسيا من الناحية الاقتصادية.

السبب الآخر: لتطول مدة الحرب، فيقتل أكبر عدد من المجاهدين, وبذلك تكون أمريكا قد ضربت عصفورين بحجر واحد: إجهاض الروس، وقتل أكبر عدد من المجاهدين لطول زمن الحرب، وهذا هو ما صرحت عليه أمريكا نفسها، حيث أعلن مسئول كبير -نقلاً عن جريدة الشرق الأوسط- فقال: لقد فوجئنا بانتصار الأفغان، وصدق الله إذا يقول: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:١٢٠] هذا كلام الله جل وعلا كلام العليم الخبير {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:١٢٠] يودون أن نكون معهم على الكفر والإلحاد حتى نكون سواء في بحر الزندقة والكفر والعياذ بالله! ولكن يأبى الله جل وعلا إلا أن يتم نوره، وأن يظهر نوره، قال الله: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ} [الأعراف:١٨٢]، وقال: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:٣٠]، وقال: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف:٢١]، وقال: {فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال:٣٦] هذه حقيقة كبيرة جسدها الجهاد الأفغاني جسدها هؤلاء الذين عشقوا الجهاد في سبيل الله، وعشقوا الكرامة والسيادة والعزة والأنفة، ما وضعوا أنوفهم في التراب إلا لله جل وعلا، وعظمته وجلاله.

ما هي قوة هؤلاء إلى قوة الدب الروسي الظالم الغاشم؟! نصرهم الله جل وعلا بأقل العدد، وأقل العتاد والعدد؛ لأنهم رفعوا أكف الضراعة إلى الله، واصطلحوا مع الله، ورفعوا لا إله إلا الله، ولا عيب أبداً أن يكون في الصف من اختلت عقيدته، ومن فسد دينه، ومن ابتدع، وهذه موجودة في كل بقعة من بقاع الأرض، وفي كل بلد من بلاد المسلمين، وهذا لا يمنع أن نحكم على هؤلاء بأنهم رفعوا راية لا إله إلا الله، وجاهدوا لإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى، فكان النصر من الله وإن طالت مدته لغربلة الصف، ولتمحيص القلوب، ورأب هذا الصدع، ولإلغاء هذه الخلافات التي تدب من حين لآخر بفعل شياطين الإنس والجن، ولكن {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف:٢١].