للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضوابط تغيير المنكر]

لكن اعلم يا أخي أن تغيير المنكر له ضوابط، فحماسك وحدك لا يكفي، وإخلاصك وحدك لا يكفي، بل لابد أن يكون حماسك وإخلاصك منضبطين بضوابط الشرع؛ حتى لا تفسد من حيث تريد الإصلاح، وحتى لا تضر من حيث تريد النفع، ففي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)، فالتغيير باليد له ضوابطه، فمر بالمعروف بمعروف، وانه عن المنكر بغير منكر، وقد اتفق علماء الأمة على ذلك.

قال ابن القيم لله دره: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد شرع لأمته إيجاب إنكار المنكر ليحصل من المعروف ما يحبه الله ورسوله -وتدبروا أيها الشباب! - فإن كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر من المنكر فهو أمر بمنكر، وسعي في معصية الله ورسوله، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرى بمكة أكبر المنكرات ولا يستطيع تغييرها.

قد يرد علي شاب من شبابنا المتحمس المخلص ويقول: هذه المرحلة كانت مرحلة استضعاف.

لكن تدبر أيها الحبيب اللبيب! يقول ابن القيم: ولما فتح الله عليه مكة وصارت دار إسلام وعزم على هدم البيت الحرام ورده على قواعد إبراهيم، لم يفعل النبي ذلك مع قدرته على فعل ذلك؛ لأن قريشاً كانت حديثة عهد بكفر وقريبة عهد بإسلام.

وهذا تفصيل في غاية الأهمية.

فالتغيير إذاً له ضوابط.