للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المستقبل للإسلام]

أيها الشباب! أبشروا، والله إنني ألمح نور الفجر يأتي بعد هذا السواد الحالك، إن أشد ساعات الليل سواداً هي الساعة التي يليها ضوء الفجر، وفجر الإسلام قادم، بل إنني ألمح من خلال فهمي لسنن الله الربانية في الكون أن الله جل وعلا يهيئ الكون كله لأمر أراده، ولأمر وعد به الصادق رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى، فقد روى أحمد وابن حبان والحاكم في المستدرك وصححه على شرط الشيخين وأقره الذهبي والمنذري أنه صلى الله عليه وسلم قال: (بشر هذه الأمة بالسناء والتمكين والنصر)، فالنصر في نهاية المطاف لأمة النبي صلى الله عليه وسلم ولو طال الطريق.

فيا شباب! أرجو أن تخرجوا من هذه الهزيمة النفسية المدمرة، وإن كان الواقع أمامنا أليماً ومراً، لكن إياك أن تنهزم نفسياً، وأن تعتقد أنه لا نصرة ولا فجر لهذا الليل الطويل الدامس، بل إن أشد ساعات الليل سواداً هي الساعة التي يليها ضوء الفجر، وأمة الإسلام ما ماتت، وإن كان صحيحاً أنها مرضت، ونامت، وطال ركودها، ولكنها ما ماتت ولن تموت -بإذن الله- كما وعد الله، وكما وعد رسوله صلى الله عليه وسلم.

قال الشاعر: لئن عرف التاريخ أوساً وخزرجاً فلله أوس قادمون وخزرجُ وإن كنوز الغيب تخفي طلائعاً حرة رغم المكائد تخرجُ إن الصحوة في مشارق الأرض ومغاربها يمدها كل يوم، بل كل ساعة شباب في ريعان الصبا، وفتيات في عمر الورود، وإن الأعداد التي تجتمع في المحاضرات واللقاءات لهي أصدق دليل على عودة شباب ورجال ونساء هذه الأمة إلى الله جل وعلا، فإننا نرى الأمة الآن في جل شبابها قد ولى ظهره لتل أبيب، وواشنطن، وبانكوك، ومدريد، وباريس، وولى وجهه مرة أخرى نحو المسجد الحرام، فلو ذهبت إلى حج بيت الله أو إلى العمرة لوجدت جل من يطوف ببيت الله جل وعلا هم من شباب هذه الأمة، أسأل الله أن يكثر من أمثالهم في الخير، وأن يقر أعيننا جميعاً بنصرة الإسلام وعز الموحدين: صبح تنفس بالضياء وأشرقا والصحوة الكبرى تهز البيرقا وشبيبة الإسلام هذا فيلق في ساحة الأمجاد يتبع فيلقا وقوافل الإيمان تتخذ المدى درباً وتصنع للمحيط الزورقا ما أمر هذي الصحوة الكبرى سوى وعد من الله الجليل تحققا هي نخلة طاب الثرى فنما لها جذع قوي في التراب وأعذقا هي في رياض قلوبنا زيتونة في جذعها غصن الكرامة أورقا فجر تدفق من سيحبس نوره أرني يداً سدت علينا المشرقا يا نهر صحوتنا رأيتك صافياً وعلى الضفاف رأيت أزهار التقى قالوا تطرف جيلنا لما سما قدراً وأعطى للطهارة موثقا ورموه بالإرهاب حين أبى الخنا ومضى على درب الكرامة وارتقى أوكان إرهاباً جهاد نبينا أم كان حقاً بالكتاب مصدقا أتطرف إيماننا بالله في عصر تطرف في الهوى وتزندقا إن التطرف أن نذم محمداً والمقتدين به ونمدح عفلقا إن التطرف أن نرى من قومنا من صانع الكفر اللئيم وأطرقا يا جيل صحوتنا! أعيذك أن أرى في الصف من بعد الإخاء تمزقا لك في كتاب الله فجر صادق فاتبع هداه ودعك ممن فرقا لك في رسولك أسوة فهو الذي بالصدق والخلق الرفيع تخلقا يا جيل صحوتنا ستبقى شامخاً ولسوف تبقى باتباعك أسمقا إن البشريات الكريمة تتوالى، بل وسوف تتوالى، وإنني أعتقد اعتقاداً جازماً بأن القرن القادم إن شاء الله تعالى هو قرن دين محمد بن عبد الله، والله إن الأمة ليست فقيرة الأمة ليست ضعيفة، بل الأمة غنية الأمة قوية برجالها قوية بمالها قوية بأعدادها قوية بمناخها قوية بخيراتها قوية بمنهج ربها وسنة نبيها، ولكن الأمة أصيبت وابتليت بمجموعة من الزعامات حالت بين الأمة وبين عطائها حالت بين الأمة وبين مجدها حالت بين الأمة وبين أن تتبوأ المكانة التي أرادها لها ربها ونبيها صلى الله عليه وسلم، ولكنني أعلم يقيناً أن الخير في الأمة كامن، وأن الخير في الأمة وفير، ولكن أسأل الله أن يمن على الأمة بالقائد الرباني، الذي يفجر هذه الطاقات الكامنة، وهذه القدرات الهائلة، وهذه الطاقات الجبارة؛ لترفع الأمة من جديد راية الجهاد في سبيل الله، بعد أن تصطلح مع الله؛ فتحكم شريعة الله، وتسير على طريق رسول الله، وحينئذ والله! لا تقف أمامها قوة على وجه الأرض، ولمَ لا؟! وقد وعد الله الأمة بالنصر مع بذلها أقصى ما في طاقتها، قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:١٦]، وقال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال:٦٠].

فإذا رفعت الأمة راية الجهاد في سبيل الله فإن الله سيمكن لها، وسيذل لها أهل الشرق والغرب، كما حقق الله قبل ذلك وعده للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وللصادقين من أمته من بعده، كما في قوله سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً} [النور:٥٥] وكما في قول الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال:٣٦].

وروى الإمام أحمد والحاكم في (المستدرك) وقال الحافظ العراقي ورجاله ثقات، وقال الإمام الهيثمي في (المجمع): ورجاله رجال الصحيح، من حديث حذيفة بن اليمان أنه صلى الله عليه وسلم قال (ستكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم يكون ملكاً عاضاً، فيكون فيكم ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعه الله إذا شاء أن يرفعه، ثم يكون ملكاً جبرياً)، والأمة الآن تشهد مرحلة الملك الجبري (ثم يكون ملكاً جبرياً فيكون فيكم ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعه الله إذا شاء أن يرفعه، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة)، أسأل الله أن يعجل بها، وألا يحرمنا من أن نستظل بظلالها الوارفة، فإن لم يقدر لأمثالنا فليقدر لأبنائنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أيها الأحبة الكرام! أحببت بهذا الموضوع الأول المختصر أن أسكب من جديد في قلوب شبابنا الأمل، فإنني أتألم كثيراً لبعض شيوخنا ودعاتنا ممن يشخصون داء الأمة، فيترك بعضهم الموضوع دون أن يجدد الأمل في قلوب أبناء الأمة، فيزداد اليائسون يأساً، ويزداد القانطون قنوطاً، ويزداد المهزومون هزيمة، ولكن شخص الداء، وحدد الدواء، وجدد الأمل في قلوب أبناء هذه الأمة، فإن وعد الله قادم، ووعد الله لا يخلف، قال تعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [الصف:٨ - ٩]، أسأل الله جل وعلا أن يمكن لدينه، وأن يعز الإسلام والمسلمين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.