للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نصرة الله للمجاهدين والأفغان]

وإذا انتقلت إلى أفغانستان أقول بِمِلْءِ فمي: في الأسبوع الرابع على التوالي للحملة الأمريكية على أفغانستان يصرح البنتاجون بأن الحملة قد حققت (١٠%) من أهدافها، وأنا أقول: لم تحقق الحملة ولا واحداً في المائة من أهدافها، وما زال كل من يبحثون عنهم موجودين بفضل الله، وما زال الأُسوْدُ في كهوفهم ينتظرون الجيش الأمريكي الذي لا يجيد إلا الرمي من فوق والهرب، ينتظرون الجيش لينزل على الأرض كما صرح الملا محمد عمر ويقول: نتشوق إلى لقاء الجيش الأمريكي على الأرض؛ لنلقنهم درساً أقسى من الدرس الذي لقناه للروس بإذن الله.

ما سقط على أفغانستان من صواريخ وقنابل كان كفيلاً -لو أن الأمور تسير وفق القوانين المادية كما يحدث العلمانيون- بمحو أفغانستان من على خريطة العالم ووجه الأرض، لكن أفغانستان ما زالت قائمة، ولكن الأبطال ما زالوا قائمين ينتظرون.

بل وقد أصيبت المعنويات الأمريكية في الداخل والخارج بنكسة شديدة، وبدأت بعض الأصوات في قلب أمريكا تنادي وتقول: ما الذي حققته الحملة العسكرية على أفغانستان؟! إلى هذه اللحظة لم تحقق أي شيء، وقرأت في اليومين الماضيين تقريراً خطيراً رفع إلى الرئيس الأمريكي يقول: إن التكلفة اليومية للحرب على أفغانستان تزيد على مائة مليون دولار، ويقول التقرير: ولا تستطع أمريكا أن تستمر هكذا أكثر من ستة أشهر وإلا ستسقط أمريكا اقتصادياً! تقرير أمني في منتهى الخطورة؛ ولذلك هم يريدون أن يحملوا العرب الفاتورة كما ذكرت.

هزيمة اقتصادية بالفعل، سياسية يقيناً، عسكرية حتماً، سقطت هيبة القوة العظمى سياسياً، عسكرياً، اقتصادياً، لكن قد يسأل رجل ويقول: فلماذا لم تنته بالكلية؟ أقول: حتى لا نحاسب الأمم، وحتى لا نحكم على أعمار الأمم بحكمنا على أعمار الأفراد أقول: لو أصيب شيخ بفيروس، وأصيب شاب قوي بنفس الفيروس، فإن تحمل الشيخ لا يمكن بحال أن يكون كتحمل الشاب، وأمريكا في مرحلة الشباب، وفي مرحلة الفتوة، فهي قوية بلا شك، فلا أريد أن أنقض كلامي لأدفن رأسي في الرمل كالنعام، فعندهم قوة عسكرية رهيبة، وقوة اقتصادية، وقوة سياسية تسوق العالم كله بعصاً غليظة، لكن الفيروس قد أصابها في مقتل، والله تبارك وتعالى يقول: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} [البروج:١٢]، لكنها سنن.

فلو تخلى أهل الأرض عن أولئك المستضعفين فإن الله معهم، ويا لها من معية كريمة عرف إخواننا هنالك قدرها ورب الكعبة، لقد رأيت إعلامياً يحاور رجلاً بسيطاً من أولئك الطالبانيين ويقول له: لقد جيشت أمريكا الجيوش، فماذا أعددتم؟ بأي شيء استعددتم لصد هذه الترسانة الرهيبة؟ فابتسم الأخ ابتسامة لطيفة جميلة وقال له: معنا الله! يا لها من معية جهلت الأمة قدرها وجلالها! نعم معهم من يدبر أمر الكون، تطلق أمريكا الصواريخ للتجسس، فتأتي جل الصور التي التقطتها أحدث وسائل التقنية مشوهة مشوشة! قرأت بنفسي لطيار أمريكي يقول: أصعد بطائرتي وقد حملت بالأسلحة، وأصعد بالهدف الذي أخذت، فحينما أصل إلى مكان الهدف لا أرى شيئاً! قد يكون ذلك فعل ربي وما ذلك عليه بعزيز.

ثم بعد ذلك علمت أن إخواننا يضعون أهدافاً وهمية على الأرض؛ ليضربها الأمريكان، يضعون قاعدة كرتونية للدبابات، قاعدة للطيران، قاعدة للمدافع، وهي مصنعة من الكرتون، ويصعد هذا الطيار ويسقط عليها حمولة تزيد قيمتها على خمسة ملايين دولار؛ ليحرقوا مجموعة من الكرتون لا تصل قيمتها إلى دولار، وصدق العزيز الغفار: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال:٣٦].

لا أريد أن أطيل أكثر من ذلك؛ فلقد مضى الوقت سريعاً، أسأل الله جل وعلا أن يقر أعيننا بنصرة هؤلاء المستضعفين في فلسطين وفي أفغانستان وفي الشيشان وفي كل مكان.

وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.