للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من رحم الليل ينبثق نور الصبح]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

أما بعد: فأخيراً أيها الأحبة، ومن رحم الليل يولد نور الصبح، لابد أن يشرق ضوء الفجر، وإن أشد ساعات الليل سواداً هي الساعة التي يأتي بعدها ضوء الفجر مباشرة، ولقد اشتد الظلام واستحكمت حلقاته، اشتد الظلم واشتد الكرب، وكلما اشتد الظلام استبشرنا بنور الصبح وبإشراقة الفجر بموعود الله جل جلاله.

تدبر معي هذا الخبر، وفكر فيه جيداً، فلقد ذكرت في أول هذه الأزمة أنني ألمح فيها خيراً كبيراً، وهأنذا أؤكد لحضراتكم الآن ما ذكرت، فحينما ذكرت ذلك لم أذكره من باب الأحلام الوردية، ولا من باب السياسة الجاهلة القاصرة، ولا حتى من باب التنبؤ بالغيب، ولكن من خلال فهمي لقرآن الله وسنة الحبيب رسول الله؛ قلت: {لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [النور:١١]، خذ الخبر: رفع تقرير في غاية الخطورة للبيت الأبيض يقول: بأنه من تاريخ (١١ سبتمبر) وهو يوم الأحداث إلى تاريخ (١٢ أكتوبر) أسلم في أمريكا ثلاثة آلاف من الأمريكان! هل تصدق مثل هذا الرقم في شهر؟! ألم أقل: {لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [النور:١١]؟ قد ينظر بعضنا إلى الأمور نظرة ضيقة؛ فيقع في الإحباط واليأس، لكن لو نظرت إلى الحدث نظرة شمولية واسعة من خلال فهمك لآيات الله والسنن الربانية التي أودعها الله كونه، للمحت من وراء كل حدث خيراً عظيماً، وإن غاب عنك فإن الحكمة ما غابت عن الحكيم الخبير.

لو تجمعت الأمة بكل ما تملك من طاقة إعلامية ودعوية لتبلغ الإسلام في الأرض كما شاء الله وقدر في مثل هذا الحدث ما استطاعت، زعماء الغرب: بوش، رئيس وزراء إيطاليا، حتى بوتن في روسيا؛ الكل تحدث عن الإسلام، وعن سماحة الإسلام، وعن أخلاق الإسلام، فسمع الكثيرون من الغربيين ولأول مرة كلمة الإسلام، وشيئاً من الصورة الحقيقية للإسلام، فدخل هذا العدد الضخم بكل المقاييس الإسلام في شهر واحد، لماذا؟ لأن الجهات الأمنية في أمريكا أمرت الجهات والمراكز الإسلامية والمساجد أن تتحرك؛ لتظهر الصورة المشرقة الحقيقية للإسلام، فتحركت كل الجمعيات التي قيدها اليهود قبل ذلك؛ تحركت بأمر من الجهات الأمنية أو إن شئت فقل: بتقدير من خالق البشرية جل جلاله، فكانت النتيجة أن يسلم ما يزيد على ثلاثة آلاف رجل وامرأة من الأمريكان أنفسهم.