للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأيام دول]

عنصرنا الرابع: الأيام دول: إن كانت الجولة الآن للغرب وأهله، فإن الله تبارك وتعالى يقول: {وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران:١٤٠].

إن للحضارات دورات فلكية كما يقول المفكر الشهير سبلنجر، إن للحضارات دورات فلكية، فهي تبرز هنا لتشرق هنالك.

ثم يقول: وإن حضارة أوشكت على الشروق في أروع صورة ألا وهي حضارة الإسلام.

نعم.

إن الدولة والجولة الآن للغرب، لكن لابد أن نعلم أن لله سنناً ربانية في الكون، لا تتبدل ولا تتغير، ولا تحابي تلك السنن أحداً من الخلق بحال، فإن أخذ الغرب بأسباب القوة انتصروا، وإن تخلى المسلمون عن أسباب القوة هزموا؛ لأن الله لا يحابي أحداً من خلقه، لكن كما جعل الله تبارك وتعالى الابتلاء للمستضعفين سنة جارية للتمحيص والتمييز، فإن الله قد جعل أخذ الظالمين سنة ثابتة لا تتبدل ولا تتغير.

وأكرر: كما جعل الله الابتلاء والمحن والفتن سنة ربانية للمؤمنين للتمحيص والتمييز؛ ليثبت على الصف من صفت نفسه، وسمت همته، وصدق في عمله وقوله، وليطرد من الصف من حمل الدعوة والدين ليتاجر به في سوق الشهوات والمتاع، كما جعل الله ذلك كذلك؛ فلقد جعل الله أخذ الظالمين سنة جارية ثابتة لا تتبدل ولا تتغير.

أين الظالمون وأين التابعون لهم في الغي بل أين فرعون وهامان أين من دوخوا الدنيا بسطوتهم وذكرهم في الورى ظلم وطغيان هل أبقى الموت ذا عز لعزته أو هل نجا منه بالسلطان إنسان لا والذي خلق الأكوان من عدم الكل يفنى فلا إنس ولا جان {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ} [الفجر:٦ - ١٣].

(سوط) إنه العذاب الجزئي، وليس الاستئصال الكلي.

{إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر:١٤].

وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل:١ - ٥].

فلقد أخذ الله عز وجل الظالمين في كل زمان ومكان، فلا تغتروا إن أمهل الله ظالماً، فإن الله يمهل ولا يهمل، وما ربك بظلام للعبيد.

أيها المظلوم صبراً لا تهن إن عين الله يقضى لا تنام نم قرير العين واهـ نأ خاطراً بين الأنام فعدل الله جل وعلا دائم بين الأنام، ولا يتخلى ربنا سبحانه وتعالى عن عدله قط في الدنيا والآخرة، وإن أمهل فلا يهمل، فالذي أخذ فرعون، وأخذ عاد، وأخذ قارون، وأخذ ثمود، ودمر قوم لوط، ودمر قوم صالح؛ هو الحي الباقي الذي لا يموت، ولا تعجزه أمريكا ولا بريطانيا ولا روسيا، لكننا نود أن نكون على مستوى هذا الدين لنكون أهلاً لنصرة رب العالمين.

فوالله الذي لا إله غيره لو عادت هذه الأمة لربها، وأخذت بالأسباب قدر ما تستطيع، وعلقت قلوبها بمسبب الأسباب؛ لرأينا العجب العجاب، إذ إن الذي يدبر الأمر كله هو الله سبحانه وتعالى.

أيها الأفاضل! ومع هذا الظلم الذي نراه، ومع هذه الصورة التي تؤلم كل قلب مسلم غيور، أقول بملء فمي وأعلى صوتي: اعلموا يقيناً بأن الجولة المقبلة وعن قريب بإذن الله ستكون لدين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فستشرق شمس الإسلام من جديد، وهذا هو عنصرنا الأخير، وأرجئ الحديث عنه في عجالة إلى ما بعد جلسة الاستراحة، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.