للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[على الأمة أن تجدد يقينها بالله عز وجل]

الأمة الآن بسبب ضعف يقينها وضعف إيمانها لم تعد تؤمن إلا بالماديات وبالحسيات، فتراهم يأتون بصورة على الصفحة الأولى من بعض الجرائد وفيها صاروخ أطلقته أمريكا، ويقولون: هذا الصاروخ يسجل الكلام الذي يقوله مجاهدو طالبان! وأين كانوا قبل ذلك؟! هل كان بوش يخبئه تحت السرير؟! ولكن هذا عمل المرجفين الذين يريدون أن تزداد هذه الأمة هزيمة على هزيمتها.

والله العظيم لقد سمعت بأذني من رجل مثقف يقول: يا شيخ! أمريكا عندها صاروخ لو وضعت على يدك بريزة فضة يأتي عليها الصاروخ فيحرقها ولا يمس يدك!! وهذا بصراحة استخفاف بالعقول، واستخفاف بالقلوب، وإرجاف خطير جداً.

فنريد يا إخواننا أن نثق بالله عز وجل.

والذي أريد أن أخرج به من هذه الأزمة والأحداث: أن نجدد الثقة واليقين بالله عز وجل، وأن تعلم الأمة يقيناً أن الله تبارك وتعالى هو الذي يدبر أمر الكون وحده، فلا تقع ورقة من شجرة على الأرض إلا بأمره عز وجل وبعلمه، فإذا كانت الورقة لا تقع إلا بعلمه فكيف ستقع القنبلة بدون علمه وبدون تقديره؟! بل كل شيء بقدر، وليس أحد أغير على الحق وأهله من الله، وليس أحد أرحم بالمستضعفين في أفغانستان وفلسطين من الله، لكن الله لا يعجل بعجلة أحد؛ فللكون سنن لابد منها، كسنة التدافع، وسنة الابتلاء، وسنة أخذ الله للظالمين، قال عز وجل: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ} [البقرة:٢٥١]، وقال عز وجل: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج:٤٠]، وقال سبحانه وتعالى: {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ} [النساء:١٠٤] وقال جل وعلا: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران:١٤٠]! فيا سبحان الله! لا يوجد أمريكي في أكثر الأحيان إلا وهو يعيش حالة من الرعب، ومن سافر إلى أمريكا يعرف ذلك.

وقد دخلت مركز التجارة العالمي قبل الأحداث، والله العظيم! إن الإنسان يتعجب من ذلك البناء وعظمته! فتصعد إلى الدور المائة وتسعة عن طريق مصعد مثل الكافتيريا في أقل من دقيقتين تقريباً! وكذلك مبنى البنتاجون -الذي هو وزارة الدفاع- مساحته أفقية ممتدة، ويأخذ مساحة ضخمة جداً، وفيه غرف لا يعلم عنها شيئاً كثير ممن يعملون في البنتاجون؛ وذلك لكثرة الغرف وكبر المساحة، والمكان الذي ضُرب فيه هو المخ والرأس المحرك! وهذا شيء غريب جداً! وضرب الكمبيوتر الرئيسي! ولذلك أمريكا تاهت بعد هذه الحادثة، وبقيت ثلاث ساعات لم يعلق فيها أي رئيس ولا أي وزير ولا أي مسئول، إلا مذيع في (السي إن إن)، أما الرئيس والنائب والوزراء فكلهم تبعثروا، أسأل الله أن يبعثرهم.

أقسم بالله إنها آية من الآيات تجعل الإنسان لا يثق إلا بربه، ومع ذلك فالأمة لا زالت قلوبها مملوءة بالضعف والإرجاف، والخور والذلة والمهانة، والخوف والرعب.

فيا إخواننا! ألم تفيقوا بعد؟! أما تصطلحون؟! أما تركعون لله عز وجل وحده؟! وفي قناة الجزيرة ظهر مذيع نصراني حقود مع أخ من إخواننا الطيبين ممن لا يجيد الحوار، ولا يجيد الكلام، والناس هؤلاء لابد لهم من محاورين في غاية اللباقة، لكن سبحان الله! لو كنت مكانه ربما لم أستطع أن أتكلم، وليس عندي ربع يقين الأخ الذي كان يتكلم، ووالله! إنه أبكاني، فإن هذا المذيع تكلم وقال: أنتم -يا طالبان- ماذا عملتم أمام هذه القوة والترسانة العسكرية الضخمة؟! فابتسم الأخ ابتسامة جميلة وقال له: معنا الله!! والله إن هذا المذيع المجرم اسود وجهه! فإن المعية عظيمة وكبيرة، ولك أن تتصور السبع السماوات وعظمتها، فإن الله عز وجل يقول: {لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} [غافر:٥٧]، فالعقل البشري الذي فجر الذرة، وصنع الترسانة التي نسمع عنها لا يُعد شيئاً أمام خلق السماء وخلق الأرض، فإن ملك الملوك يحمل السماوات السبع على إصبع! فأريد أن تتدبر هذا الكلام حتى ترجع بيقين، هذا الكلام يقوله حبر من أحبار اليهود، والحديث في صحيح مسلم وفيه: (جاء حبر يقول: يا محمد! إنا نجد مكتوباً عندنا في التوراة: أن الله يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والماء والثرى على إصبع، والشجر على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، ثم يهزهن ويقول: أنا الملك) الله أكبر! السماوات على إصبع من أصابع الملك جل جلاله، فلا تعطل ولا تكيف، فكل ما دار ببالك فالله بخلاف ذلك، كما قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:١١].

هذا هو الذي أريد أن أخرج به، فأنا لا أريد أن أكون وكالة أنباء أذيع لك منها أخباراً أنت تعرفها أكثر مني، إنما أريد أن أدخل في قلبك اليقين، ونرجو أن تتعلم الأمة هذا الدرس، ونرجو أن تجدد الأمة يقينها في ربها، وتعلم يقيناً أنه لا تستطيع قوة على وجه الأرض أن تقتلع الإسلام من الأرض؛ لأن الذي وعد بنصرة الإسلام هو الله.