للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أليس الله أهلاً لأن يعبد؟

أليس الله أهلاً لأن يعبد؟! أليس الله أهلاً لأن يوحد؟! أليس الله أهلاً لأن يمجد؟! أليس الله أهلاً لأن يطاع؟! أليس الله أهلاً لأن نستحيي منه؟! أليس الله أهلاً لأن نراقبه؟! أليس الله أهلاً لأن نمتثل أمره ونجتنب نهيه ونقف عند حدوده على الدوام حتى نلقاه؟! هذا هو عنصرنا الرابع: أليس الله أهلاً لأن يعبد؟ أيها الجاحد بعبادة الله! أيها المنحرف عن أوامر الله! أيها البعيد عن طاعة الله! هل أحسن إليك بشر من الخلق وأنكرت إحسانه؟ بل تظل تعترف له طوال حياتك بالإحسان، فمن الذي أحسن إليك وأنت في العدم؟! ومن الذي أحسن إليك الآن؟! ومن الذي سيحسن إليك في الآخرة؟! من صاحب الإحسان؟! من صاحب النعم؟! من صاحب الفضل؟! من صاحب الكرم؟! من صاحب الجود؟! من الذي خلقنا من العدم وصورنا في أحسن صورة؟! من الذي أنزل علينا القرآن؟! من الذي بعث لنا محمداً عليه الصلاة والسلام؟! من الذي خلقنا موحدين وجعلنا من أمة سيد المرسلين؟! من الذي خلق لنا الكون وأمده بهذه النعم التي لا تعد ولا تحصى؟! من الذي خلقك في أحسن صورة؟! نظرك في نفسك يكفيك دليلاً على أن الذي يستحق أن يعبد على الدوام هو الله، ونظرك في الكون من حولك يكفيك دليلاً على أن الذي يستحق العبادة على الدوام هو الله، فالله أهل لأن يعبد، الله أهل لأن يوحد لذاته جل جلاله (إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه)، فوالله ما قدرنا الله حق قدره، والله ما قدرنا الله حق قدره، والله ما قدرنا الله حق قدره.

جاء حبر من أحبار اليهود للمصطفى -والحديث في صحيح مسلم - فقال: (يا محمد! إنا نجد مكتوباً عندنا في التوراة: أن الله تعالى يجعل السماوات على إصبع، والأراضين على إصبع، والماء والثرى على إصبع، والشجر على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، ثم يهزهن ويقول: أنا الملك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر، وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم قوله جل وعلا: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر:٦٧]).

لله في الآفاق آيات لعل أقلها هو ما إليه هداك ولعل ما في النفس من آياته عجب عجاب لو ترى عيناك الكون مشحون بآيات إذا حاولت تفسيراً لها أعياك قل للطبيب تخطفته يد الردى يا شافي الأمراض من أرداك قل للمريض نجا وعوفي بعدما عجزت فنون الطب من عافاك قل للصحيح يموت لا من علة من بالمنايا يا صحيح دهاك قل للبصير وكان يحذر حفرة فهوى بها من ذا الذي أهواك بل سائل الأعمى خطا وسط الزحام بلا اصطدام من يقود خطاك قل للجنين يعيش معزولاً بلا راع ومرعى ما الذي يرعاك قل للوليد بكى وأجهش بالبكاء لدى الولادة ما الذي أبكاك وإذا ترى الثعبان ينفث سمه فاسأله من ذا بالسموم حشاك واسأله كيف تعيش يا ثعبان أو تحيا وهذا السم يملأ فاك واسأل بطون النحل كيف تقاطرت شهداً وقل للشهد من حلاك بل سائل اللبن المصفى كان بين دم وفرث من ذا الذي صفاك وإذا رأيت النخل مشقوق النوى فاسأله من يا نخل شق نواك وإذا رأيت النار شب لهيبها فاسأل لهيب النار من أوراك وإذا ترى الجبل الأشم مناطحاً قمم السحاب فسله من أرساك وإذا رأيت البدر يسري ناشراً أنواره فاسأله من أسراك لله في الآفاق آيات لعل أقلها هو ما إليه هداك ولعل ما في النفس من آياته عجب عجاب لو ترى عيناك الكون مشحون بآيات إذا حاولت تفسيراً لها أعياك من الذي يستحق أن يعبد؟! الله اسم لصاحبه كل كمال، الله اسم لصاحبه كل جمال، الله اسم لصاحبه كل جمال، الله هو الاسم الذي تستجاب به الدعوات، الله هو الاسم الذي تستنزل به الرحمات، الله هو الاسم الذي تقال به العثرات، الله هو الاسم الذي من أجله قامت الأرض والسماوات، الله هو الاسم الذي من أجله.

أنزل الكتب وأرسل الرسل.

الله اسم ما ذكر في قليل إلا كثره، الله اسم ما ذكر عند خوف إلا أمنه، الله اسم ما ذكر عند كرب إلا كشفه، وما ذكر عند بطش إلا أزاله.

الله هو الذي يستحق أن يعبد وحده، وأن يمتثل لشرعه وحده، وأن يسمع له وحده، وأن يطاع وحده، وأن يراقب وحده، وأن يتوكل عليه وحده، وأن يحلف به وحده، وأن يستغاث به وحده، وأن يلجأ إليه وحده، وأن يفوض إليه وحده، وأن يسأل وحده، أئله مع الله؟! أئله مع الله؟! أئله مع الله؟! {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الإسراء:٤٤]، فالذي يستحق أن يعبد وحده هو الله جل جلاله، لا في رمضان فقط، بل على الدوام حتى نلقاه.

أسأل الله أن يختم لنا ولكم برضاه، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.