للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المفهوم الشامل للرزق]

قال ابن منظور في لسان العرب: الرزق هو ما تقوم به حياة كل كائن حي، مادياً كان أو معنوياً.

وكثير من الناس يظن أن الرزق هو المال فقط، وهذا فهم قاصر وخاطئ، فالرزق أوسع مدلولاً من المال، فالإيمان رزق، وحب النبي صلى الله عليه وسلم رزق، وحب الصحابة رزق، وحب آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم رزق، واليقين رزق، والتوكل على الله رزق، والخوف من الله رزق، والإنابة رزق، والتوبة رزق، والحلم رزق، والحكمة رزق، والعلم رزق، ومحبة الناس لك رزق، والزوجة الصالحة رزق، والذرية الطيبة رزق، والمال رزق.

والذي يرزق كل هذه الأرزاق هو الرزاق، قال تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود:٦]، لا على أوروبا ولا على أمريكا، لا على شرق ملحد ولا على غرب كافر، {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [هود:٦].

جلس إبراهيم بن أدهم ليأكل بعض قطع اللحم المشوي، فجاءت قطة فخطفت قطعة لحم وجرت، فقام وراءها ليراقب هذا الموقف، فوجد القطة قد وضعت قطعة اللحم أمام جحر في باطن الأرض في مكان مهجور ثم انصرفت، فازداد عجبه! وفجأة رأى ثعبان أعمى يخرج من هذا الجحر ليجر قطعة اللحم إلى جحره، فرفع إبراهيم رأسه إلى السماء وقال: سبحانك يا من سخرت الأعداء يرزق بعضهم بعضاً.

{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [هود:٦]، وقال تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} [الذاريات:٢٢]، كيف ذلك والزرع في الأرض، والضرع في الأرض، والإدارة في الأرض، والشركات في الأرض، والوظيفة في الأرض، والله جل وعلا يقول: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} [الذاريات:٢٢]؟! لتعلم يقيناً أن كل ما تملكه في الأرض إنما هو الأسباب، والأسباب وحدها لا تضر ولا تنفع، ولا ترزق ولا تمنع إلا بأمر من استوى على العرش.

{وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ} [الذاريات:٢٢ - ٢٣]، سمع الآية الكريمة أعرابي فقال: من ذا الذي أغضب الكريم حتى يقسم؟