للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطورة الاختلاط والأدلة على تحريمه]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وأحبابه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا أيها الأحبة: العنصر الرابع هو: خطورة الاختلاط، والأدلة على تحريمه.

والاختلاط أيها الأحباب: هو اختلاط الرجال بالنساء من غير المحارم بلا شك في مكانٍ واحدٍ بدون حجبٍ ولا حواجز، ووالله إن الاختلاط حتى في أماكن العبادة حتى في بيت الله الحرام خطر جسيم وشرٌ عظيم، ولقد قال الله سبحانه: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب:٣٣] {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) [الأحزاب:٥٣] ولكننا نرى النساء يدافعن ويزاحمن الرجال حتى حول بيت الله الحرام بصورة يندى لها الجبين ويقشعر لها البدن أسفاً وحزناً، ترى النساء بصورة متبجحة -إلا من رحم الله جل وعلا- وهن كثرة ولله الحمد والمنة، إن الخير لا ينقطع في هذه الأمة أبداً إلى قيام الساعة، فإننا نرى نساءً على قمة الحياء والالتزام والورع والدين -نسأل الله أن يكثر من أمثالهن، وأن يزيدهن حياءً وشرفاً وعفة.

الاختلاط أما تعلمون أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد خصص باباً في مسجده للنساء حتى لا يختلط النساء بالرجال، قال نافع: [لما خصص النبي صلى الله عليه وسلم باب النساء قال عبد الله بن عمر: والله لن أدخل منه أبداً.

فما دخل منه عبد الله حتى توفاه الله عز وجل] وهو بابٌ معروف الآن في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بباب النساء إلى جوار باب جبريل عليه السلام، وكان صلى الله عليه وسلم يأمر الرجال أن يتأخروا ولا ينصرفوا بعد السلام حتى ينصرف النساء، حتى لا يختلط الرجال بالنساء في موطن العبادة والصلاة، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم من حديث أبي هريرة: (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها) حتى لا يقترب الرجال من النساء ولا يقترب النساء من الرجال، وكانت المرأة في هذا العهد النبوي المبارك تستحي من الرجال، لا تدافع الرجال ولا تزاحمهم في المساجد والطرقات، وإنما كانت تطوف حول بيت الله بعيدةً عن مدافعة الرجال، ولما جاءت امرأة -والحديث في صحيح البخاري - إلى عائشة رضي الله عنها، قالت: [قومي بنا، انطلقي نستلم يا أم المؤمنين! فقالت: انطلقي إليك عني] وأبت رضي الله عنها أن تقوم لتطوف مع هذه المرأة خشيت أن تدافع الرجال أو أن تزاحمهم، وروى الإمام الشافعي في مسنده: جاءت امرأة إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فقالت: [يا أم المؤمنين! لقد طفت بالبيت سبعاً واستلمت الركن مرتين أو ثلاثاً -أي: قبلت الحجر مرتين أو ثلاثاً أتدرون ماذا قالت عائشة -؟ قالت لها: لا آجرك الله تدافعين الرجال ألا كبرتِ ومررتِ؟ ألا كبرتِ ومررتِ تدافعين الرجال عند الحجر] وهذا ما نراه -ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم- بل والله ترى المرأة بغير خجل ولا حياء تقف أمام عينيك وبين يديك لتركع وتسجد بثيابٍ لا يعلم حالها إلا الله، إنا لله وإنا إليه راجعون! إن الحياء هو شرف المرأة ورأس مالها وعظيم بضاعتها: (الحياء والإيمان مقرونان إذا رفع أحدهما رفع الآخر).

يا عباد الله! الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا لم تستح فاصنع ما شئت) إن الحياء خصلة عظيمة من صفات المرأة المسلمة النقية المؤمنة التقية، فنسأل الله أن يرزق نساءنا الحياء، وأن يرزقنا الحياء والتقى إنه ولي ذلك ومولاه.

أيها الأحبة: لقد قالت كاتبة إنجليزية هي إلذي كوك هذه المرأة تقول: "إن الاختلاط بين الرجال والنساء شيءٌ يألفه الرجال، وعلى قدر كثرة الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنا".

امرأة أجنبية كافرة تقول هذا الكلام؟! والحمد لله أثبتت الدراسات والإحصائيات كذب وافتراء ما كان يدعيه عبيد المدنية الغربية وعبيد التطور والتحرر تحت ستار المدنية الأسود، أثبتت الدارسات والإحصائيات عكس ما يقولون، كانوا يقولون: إن الاختلاط يهذب غريزة الرجل، إن الاختلاط يخفف من الكف الجنسي بين الرجل والمرأة، فعلامَ هذا الغلو والتطرف؟ أثبتت الإحصائيات والدراسات عكس ذلك، وتعد هذه الدراسات بمثابة الصفعة على وجوه هؤلاء؛ لأن الرجل مع المرأة بارودٌ إلى جوار النار، لا بد وأن يشتعل حتماً وإن تأخر، وقد أثبتت الدراسات بأن الجرائم تنتشر بكثرة، ولا أريد أن أعكر الصفو بأكثر من هذا، فوالله كنت قد أعددت قصتين تخلعان القلوب من الصدور، ولكن يكفي هذا، والأمر واضحٌ لكل المسلمين والمسلمات.

الإحصائيات بمثابة الصفعة على وجوه أدعياء الاختلاط مهلاً مهلاً يا دعاة المدنية والسفور!! مهلاً مهلاً يا دعاة الاختلاط!! ارجعوا واقرءوا الدراسات والإحصائيات لتعلموا أن كثرة الاختلاط كثرةٌ للجرائم والفواحش والزنا -والعياذ بالله- فإلى عبيد المدنية الغربية والمدنية الذين أطلقوا العنان لبناتهم ونسائهم فخالطن الرجال وخلون بالرجال.

اتقوا الله يا عباد الله! واعلموا بأنكم موقوفون بين يدي الله جل وعلا: (كلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيته) وستسأل بين يدي الله جل وعلا عن هذه البنت وعن هذه الزوجة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:٦].