للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية الأمانة وعظمها]

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيتها النساء الحاضرات: أيتها الفتيات المستمعات! السلام عليكن ورحمة الله وبركاته.

أما بعد: فهذه فرصة أخرى من الفرص الطيبة التي نلتقي فيها من وراء حجاب كما أمر الله سبحانه وتعالى، في هذا المبنى وفي هذه الكلية، أسأل الله عز وجل أن يجعل اجتماعنا اجتماعاً مرحوماً، وأن يجعل تفرقنا بعده تفرقاً معصوماً، وألا يجعل فينا شقياً ولا محروماً.

أيتها الفتيات المسلمات: أيتها النساء! موضوعنا في هذا اليوم بعنوان: حاملة الأمانة، وهو موضوع خطير وحساس؛ لأنه ينبع من الأمانة التي خلقنا الله سبحانه وتعالى لأدائها، قال الله عز وجل: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَات وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب:٧٢] هذه الأمانة التي أشفقت السماوات باتساعها والأرض بامتدادها والجبال بشموخها وثقلها أشفقن من حملها، وحملها الإنسان.

والإنسان فيه ظلم وجهل، ولذلك كان حمله لهذه الأمانة يحتاج إلى إعانة من الله وتعليم وعون من الله ليقوم بهذه الأمانة: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء:٥٨].

فيجب عليك -أيتها المسلمة- أداء الأمانة التي كلفت بها إلى أهلها، وأنت تعلمين أن من أشراط الساعة تضييع الأمانة كما قال صلى الله عليه وسلم: (إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة).

ما هي الأمانات المرتبطة بك أيتها المرأة المسلمة؟ إن هذه الأمانات متعددة، فمنها: أمانة الجوارح، وأمانة العبادة، وأمانة العلم، وأمانة الزوج، وأمانة الأولاد، وأمانة المال، وأمانة الدعوة، وأمانة المشاعر والأحاسيس.

هذه بعض أنواع الأمانة المناطة بك والتي أنت مكلفة بالقيام بها وإعطائها حقها.

إذاً -أنت أيتها المسلمة- تحملين أموراً ثقيلة، وأنت مكلفة بأداء مهمات صعبة، فاسألي الله العون والثبات لتحمل هذه الأمانة وأداء هذه المسئولية، والله قد وعدكِ بأنه سيعينك ويثيبك ويجزيك الجزاء الأوفى إذا كنت قمتِ بهذه الأمانات وتحملت التبعة: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً} [النساء:١٢٤] {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل:٩٧] {مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ} [غافر:٤٠] فالله قد وعدكِ أنه سيعطيك ويضاعف لك ويكون معك؛ إذا أنتِ آمنتِ وإذا حييتِ الحياة الطيبة وقمتِ بأداء الأمانة إلى أهلها وحملتِ هذه الأمانة فأعطيتها حقها، والويل كل الويل لمن تضيع أو تقصر في حمل هذه الأمانة بأنواعها.

فلنأت أيتها المسلمات على بعض أنواع الأمانة، ولنذكر -يا حاملة الأمانة- لكِ شيئاً من هذه الأمانات علَّ الله تعالى أن يبصر بها، وأن يذكر المقصرات وأن يدفع المخلصات ويعينهن على حمل هذه الأمانات.