للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أن الله عز وجل أقرأ على خديجة السلام وجبريل]

لقد جاءت خديجة بإدام أو طعام أو شراب، جبريل كان عند النبي عليه الصلاة والسلام وخديجة آتية بهذا الإناء، فقال جبريل للنبي عليه الصلاة والسلام، والملك يرى ما لا يرى النبي عليه الصلاة والسلام، قال: (هذه خديجة قد أتت بإناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، فقالت خديجة جواباً على ذلك لما أخبرها صلى الله عليه وسلم: هو السلام ومنه السلام وعلى جبريل السلام)، وقد قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يقرئ خديجة السلام، فقالت جواباً: إن الله هو السلام، وعلى جبريل السلام، وعليك يا رسول الله! السلام ورحمة الله وبركاته) ماذا يعني ذلك؟ أي شرف أعظم أن امرأة أو شخصاً يقال له: إن ربك يقرأ عليك السلام! ولذلك لا يوازي فضل هذه المرأة العظيمة من بقية النساء بعدها شيء، فإن السلام حصل من الله ومن جبريل كلاهما لـ خديجة رضي الله تعالى عنها، كما أن هذا دليل على فقه خديجة، لأنها لم تقل لما قال رسول الله: (إن الله يقرأ عليك السلام) ما قالت: وعليه السلام؛ لأن الله هو السلام، كيف تقول: وعليه السلام وهو السلام؟ ولذلك قالت: (إن الله هو السلام، وعلى جبريل السلام، وعليك يا رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته) هذه النقطة فاتت رجالاً حصلت لهم قصة بعد ذلك، كان الصحابة يقولون في التشهد: السلام على الله من عباده، فنهاهم النبي عليه الصلاة والسلام، وقال: (إن الله هو السلام قولوا: التحيات لله) فـ خديجة اكتشفت هذا الأمر وفقهته وعرفته منذ سنوات قبل هؤلاء الصحابة، أول ما جاء إليها، قال: (إن الله يقرأ عليك السلام، قالت: إن الله هو السلام) من أسمائه سبحانه: السلام، الذي سلم عباده المتقون من عقوبته.

السلام: السالم من كل نقص وعيب سبحانه وتعالى.

وأي سلامة مصدرها من الله، فلا يقال: السلام على الله، الله هو السلام، فعرفت خديجة بصحة فهمها أن الله لا يرد عليه السلام كما يرد على المخلوقين؛ لأن السلام اسم من أسمائه، ثم إذا قلت: السلام عليك أنت تدعو له بالسلامة من كل شر، أو السلام عليك، أي: أن الله فوقك يراقبك، السلام اسم من أسمائه فوقك يراقبك.

وأيضاً: السلام عليك: دعاء للشخص بالسلامة من الشرور والآثام، فلا يقال: السلام على الله، ولذلك ردت بالرد الذي يليق لله عز وجل، وقالت بعد ذلك: (وعلى جبريل السلام، وعليك السلام يا نبي الله ورحمة الله وبركاته).

وهذا فيه أيضاً من الفقه الذي تعلمناه من خديجة: رد السلام على من أرسل السلام وعلى من بلغ السلام، فعندما يأتي شخص يقول لك: فلان يقرأ عليك السلام ورحمة الله وبركاته، ماذا تقول له؟ تقول: وعليك وعليه السلام، فترد السلام على المسلم والمبلغ، والذي يظهر أن جبريل كان حاضراً عند جوابها، فردت عليه وعلى النبي صلى الله عليه وسلم، لكنها كانت لا تراه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم ليبلغها.

كذلك عائشة حصل لها موقف مشابه أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغها سلام جبريل، لكن خديجة أفضل، لأن خديجة بلغها النبي صلى الله عليه وسلم سلام الله وسلام جبريل، وعائشة بلغت بالسلام من جبريل فقط، ولـ عائشة بطبيعة الحال من الفضائل مالا يحصى، ولكن لعل الذي يترجح -والله أعلم- هو تفضيل خديجة رضي الله تعالى عنها.