للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إهانة الزوج أو الزوجة بالفعل]

وقضية أخرى من القضايا: وهي مسألة الإهانة، نحن تكلمنا سابقاً في الإهانة بالقول، فلا يفوتنا أن نتكلم عن الإهانة بالفعل.

هناك رجالٌ يهينون زوجاتهم، كيف تكون الإهانة؟ كأن المسألة أنه يريد أن يكسر رأسها وأن يكسر أنفها، طبعاً أقصد الكسر المعنوي، وليس الكسر الحسي، الكسر المعنوي بأن يرغمها لأن تكون خاضعة ذليلة عنده، وأن تكون مثل العبد عند سيده تماماً، بحيث أنه لا رأي لها ولا شخصية ولا كلمة، وأن تكون حقيرة مهينة أمامه، فمثلاً: بعض الرجال يعتمدون سياسات خاطئة في معاملات الزوجات من جهة الإذلال وتحطيم الشخصية ومسحها تماما، ً فهو يريد ألا يرى أمامه أي رأي وأي كلام وأي نقاش، فهو يريد أن تسكت وتخرس ولا تقول أي كلمة، وهذا دائماً شأنه في كلامه، دائماً هذه كلمة: اسكتي هي عنوان الحديث، وربما أن بعضهم إذا دخل البيت يمد رجله وهو واقف حتى تنزل هي وتخلع الجورب ولا بد، وينبغي كذلك أن تخلع له حذاءه، وإذا جاءت له بكوب الماء أن تكون واقفة عند رأسه حتى يشرب، ولو ظل يشرب كأس الماء على نصف ساعة، لا بد أن تكون واقفة مثل الصنم عند رأسه، ولا تتكلم ولا تتحرك ولو صاح الولد ولو حصل ما حصل من الطبخ على النار، وأقول لكم: إنه عليه الصلاة والسلام كان يراعي زوجاته ويراعي مشاعرهن جداً، اسمع إلى هذا الحديث: إن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم معتكفاً -المعتكف لا يخرج من المسجد إلا لضرورة، عيادة مريض أو تشييع جنازة أو لقضاء حاجة، كغسل، وطعام لا يستطيع أكله في المسجد- قالت صفية: فأتيته أزوره ليلاً في المسجد -وهو معتكف- فحدثته ثم قمت لأنقلب إلى البيت، فقام معي ليقلبني -محافظته على زوجته، ومن حمايته لها ومراعاته مشاعرها، قام معها ليرجعها إلى البيت بنفسه عليه الصلاة والسلام، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: على رسلكما إنها صفية، على رسلكما إنها صفية بنت حيي، فقالا: سبحان الله يا رسول الله! فقال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، إني خشيت أن يقذف في قلوبكم شراً، أو قال شيئاً) الحديث رواه البخاري وغيره.

تأمل كيف قام معها من المعتكف ليرجعها إلى البيت، المرأة بدلاً من أن تذلها ينبغي أن تحيطها وتحميها، خذ لك هذا المثال الآخر: عن أنس بن مالك رضي الله عنه في حديث طويل قال: (لما أولم الرسول صلى الله عليه وسلم بـ صفية قال: ثم خرجنا إلى المدينة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحوي لها من ورائها بعباءة -أي: يحيطها ويشملها بها- ثم يجلس عند بعيره، فيضع ركبته فتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب) هذا هو التواضع وهذه هي الرحمة والشفقة والإحسان ومعاملة الزوجة! رواه البخاري وغيره.

ينبغي أن نشير في المقابل إلى أن بعض النساء عندهن قضية إذلال الزوج وعدم تلبية رغباته، فبعض الزوجات من إهمالها لزوجها إذا أمرها أن تضع الطعام، كأنه يشحذ منها شيئاً، أرجو أن تضعي الطعام، وإذا دعاها إلى الفراش كذلك كأنه يشحذ منها شحاذة، ويتوسل إليها توسلاً، وبعض النساء عندهن من قضايا الإهمال وقضايا حب تركيع الزوج -إن صح التعبير- في هذه المسائل أمور سيئة جداً، وهذا مما يسبب على المدى الطويل كره الزوج، فيقول الزوج: أتحمل إلى متى؟ إلى متى أذل نفسي؟ كلما أردت أن أدعوها إلى الفراش، لا بد أن أذل نفسي حتى تأتي وأتوسل إليها، وآتي بعبارات كثيرة جداً؟ ولذلك أمرها الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (تأتي وإن كانت على قتب) وإن كانت على تنور وعلى فرن وهي تخبز، تترك كل شيء وتأتي إلى فراش الزوج، لأن الزوج لا يعلم نفسيته الآن، قد يكون رأى شيئاً في السوق، رأى امرأة في الشارع، قد يكون ثار في نفسه رغبة الآن لا بد من تحقيقها، والزوج إذا ما لبت رغبته بالحلال فلماذا تزوج؟! من أجل أن تأتي وتتمنع عليه، وترفض طلبه، ولا تأتي إلا بعد التماسات وبعد توسلات لا يمكن هذا! لا يمكن أن يكون هذا من شريعة الله في العلاقات الزوجية! ولئن كنا تكلمنا عن تسلط الزوج في أشياء فهناك تسلط لبعض الزوجات، فكأنها هي القوامة والمتحكمة في البيت والمتحكمة في الرجل، توجهه يميناً وشمالاً شرقاً وغرباً، اشتر لا تشتر اذهب لا تذهب، حتى تتحكم فيه في قضايا عمله الخاص به، افعل ولا تفعل.