للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قتل الحيات]

وقتلك حيات البيوت ولم تقل ثلاثاً له اذهب سالماً غير معتد

مما ينهى عنه أيضاً: قتل حيات البيوت، إذا لم تنذرها ثلاثاً ولم تقل: اذهب سالماً غير معتد.

وحيات البيوت هذه فيها كلام طويل، بعض العلماء يرى أنه لا يجوز قتل حيات البيوت إلا بعد إنذارها في أي مكان، وبعضهم قال: إن هذا خاص بـ المدينة، بيوت المدينة لا تُقتل فيها الحيات، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن جناً بـ المدينة قد أسلموا) والجن منهم من يكون على هيئة حيات، ومنهم من يكون على هيئة السعالي، ومنهم من يطيرون، ومنهم من يحلون ويظعنون مثل أهل البادية.

فما دامت الجن تتمثل بالحيات والكلاب، فلابد من إنذار الحية قبل قتلها، علماً بأن الكلب الأسود شيطان فيقتل مباشرة، لكن الحية قد تكون جناً مسلماً، وقد تكون جناً كافراً، وقد تكون حية أفعى أصلية.

فالآن العلماء بعضهم قال: إن حيات البيوت تنذر إذا وجدت في بيوت المدينة للحديث، وبعضهم قال: لا تقتل الحيات العوامر التي تسكن البيوت في أي بيتٍ وفي أي: مدينة، إذا وجدها لا يقتلها مباشرة، وإنما يُنذرها.

واختلف العلماء في معنى ثلاثاً التي جاءت في الحديث، هل هي ثلاثة أيام، أو هي ثلاث مرات، هل ينذرها ثلاثة أيام كل يوم يقول: أحرج عليك بالله أن تخرجي، أي: أقسم عليك بالله أن تخرجي وتتركي بيتنا مثلاً؟ إن كان جناً مسلماً فسيغادر، وإن لم يغادر فهو شيطان فاقتله، هكذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام.

لكن اختلفوا هل هي ثلاثة أيام أو ثلاث مرات؟ ثم إن الإنسان لو أنذرها ثلاثاً ولم تخرج، فليس ملزماً أن يبقيها في البيت، ممكن يدخلها في كيس أو شيء ويحاصرها ويرميها بعيداً أي: لا يقتلها، أي: واحد لو قال: أنا أنتظرها حتى تذهب وتدخل في المتاع ولا أدري أين تذهب، وقد تكون أفعى عادية وليس لها علاقة بالجن، فماذا أفعل هل أتركها؟ نقول: أنتَ لست ملزماً بإبقائها في البيت، لكن أنت تنهى عن قتلها فقط، حتى تنتهي المهلة، إذا وجدتها بعد ذلك فاقتلها ولا حرج.

وجاء أن رجلاً من شباب الأنصار كان عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان شاباً قوياً، وأراد الشاب أن يذهب فأذن له وأمره أن يأخذ معه سلاحه وقال: إني أخاف عليك، فلما جاء إلى بيته وجد امرأته عند باب الدار خارجة، وكان رجلاً له غيرةً قوية، فهم أن يضربها بالرمح فيقتلها، لأنها خارج البيت من غير حجاب، فقالت: اصبر وادخل فانظر ما الذي أخرجني، فدخل فوجد حيةً عظيمةً قد تكومت فانتظمها برمحه قتلها ثم ركزها على الحائط فانقلبت عليه، فلا يُدرى أيهما أول موتاً الحية أم الفتى، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم بذلك قال: (إن جناً بـ المدينة أسلموا) فالمهم أنه إذا وجدها ينذرها ثلاثاً، يقول: أقسم عليك بالله ثلاثاً أن تخرجي وتدعي هذا البيت، ونحو ذلك من العبارات، فإن كانت جناً مسلمةً خرجت ولم تؤذ، وإن كانت شيطاناً عصت فاستحقت القتل.

وذو الطفيتين اقتل وأبتر حيةٍ وما بعد إيذانٍ ترى أو بفدفدِ

هناك حيات تقتل مباشرةً سواء كانت في البيت أو خارج البيت، وذو الطفيتين، نوع معين من الحيات له خطان على ظهره، خطان متوازيان، قيل خطان أبيضان، وقيل خطان أسودان، هذا يسمى ذا الطفيتين، يُقتل مباشرة لا بإنذار ولا بشيء.

(وأبتر حيةٍ) هذا نوع من الحية؛ والأبتر عظيم النهاية، الحية تكون في العادة غليظة من فوق والمنتصف ثم في النهاية تدق حتى يكون لها ذنبٌ أو ذيلٌ دقيق في النهاية، أما الأبتر هذا فكأنه مقطوع الذنب، فهو من جهة الذنب في النهاية غليظ، كأنه مقطوع الذيل، فهذا الأبتر يقتل مباشرة؛ وذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام قال في حديث في الصحيحين: (فإنهما يسقطان الحبل ويلتمسان البصر) أي: أن المرأة تسقط الولد الذي في بطنها بمجرد رؤيته، وكذلك يلتمسان البصر، قيل: إنه بمجرد النظر إليه يُعمي، وقيل: إنه يستهدف بصر الإنسان عند اللسع، ففيه قوةٌ سمية تسبب العمى، ونظراً لضرره ولأن الجني المسلم لا يتمثل بهذا النوع فإنه يقتل مباشرةً.

وذو الطفيتين اقتل وأبتر حيةٍ وما بعد إيذانٍ ترى أو بفدفدِ

والفدفد: هي الفلاة، فالحيات في الفلاة تقتل مباشرة، لا يلزم تحريج ولا قسم ولا شيء، فالحكم إذاً بالتحريج خاصٌ بحيات البيوت، ويستثنى من حيات البيوت ذو الطفيتين والأبتر.