للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أجر الصالحين]

الحمد لله معزِّ من أطاعه ومذلِّ من عصاه، الحمد لله الذي كتب الصلاح لمن شاء، وكتب الشقاء على من شاء، أشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، وأصلي وأسلم على نبينا محمد رسول الله المبعوث رحمةً للعالمين، هو البشير النذير والسراج المنير، بلغ الدعوة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى أصحابه الذين نصروه، وعلى آله وأزواجه وذريته الطيبين الطاهرين، وعلى من تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعلى الصالحين.

أيها المسلمون: الصالحون عملةٌ نادرة لا يبقون كثيراً، فإن الله يحبهم، وبما أنه أعد لهم أجراً عظيماً، فإنه سرعان ما يقبضهم إليه، ويبقى شرار الناس في آخر الزمان لا يوجد رجلٌ صالحٌ واحد، تقوم الساعة على شرار الخلق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يقبض الصالحون الأول فالأول، وتبقى حثالة كحثالة التمر والشعير- والحثالة هي: الرديء من كل شيء- لا يعبأ الله بهم شيئاً) رواه البخاري رحمه الله.

والصالحون قد يشدد عليهم، فيبتلون ويضطهدون، ويؤذون في ذات الله فيصبرون، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن الصالحين يشدد عليهم، وإنه لا يصيب مؤمناً نكبةٌ من شوكةٍ فما فوق ذلك، إلا حطت عنه بها خطيئة، ورفع له بها درجة) حديثٌ صحيحٌ رواه الإمام أحمد وغيره.

والآن انتبه معي -أيها الأخ المسلم- لما يصيب الصالحين من الفائدة العظيمة في كل صلاة ٍنصليها ويصليها غيرنا من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وفي كل صلاةٍ صلاها الأنبياء والشهداء والصديقون، والسابقون الأولون والمهاجرون والأنصار والذين اتبعوهم، وكل صلاةٍ صلاها إمام من أئمة السلف أو المهتدين من الخلف، كل صلاةٍ صليت في العالم وتصلى إلى قيام الساعة تحدث فيها فائدة عظيمة للصالحين، قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله هو السلام، فإذا صلى أحدكم فليقل: التحيات لله والصلوت والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإنكم إذا قلتموها، أصابت كل عبدٍ لله صالحٍ في السماء والأرض، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله) رواه البخاري.

فكل صلاةٍ فيها التحيات صُليت وتُصلى وستُصلى، فإن للصالحين منها نصيباً، كم صلاة صُليت من قبل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن تبعهم إلى يوم الدين؟ وستُصلى؟ وفي كل صلاة فائدة للصالحين، ودعوة لهم، تصيب الدعوة الصالحين، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، تصيب كل عبدٍ صالحٍ لله في الأرض وفي السماء.

والله تعالى أخبرنا عن دعاء بعض أنبيائه {وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل:١٩] {رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [الشعراء:٨٣].

اللحوق بالصالحين منية، إنها أمنية أن نكون صالحين، أن يكون الرجل صالحاً فهذا شيءٌ عظيم، وأجره جزيل، ومقامه رفيع، وثوابه لا يُعلم عند الله عز وجل مكتوب.