للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خفض البصر أمام المحبوب مهابة له]

كذلك -أيها الإخوة- من علامات محبة العبد لله: أن المحب -الحب الذي فيه تعظيم - عندما يقف أمام محبوبه ينظر إلى الأرض، ولا ينظر إلى وجه محبوبه، مهابةً له وحياءً منه.

لذلك -مثلاً- تجد الواحد إذا وقف أمام الرئيس أو أمام الوزير أو أمام الكبير لا يحدق فيه ببصره طوال الوقت، هذا يعتبر من قلة الأدب، وهذه من الأشياء التي تبغض الرئيس، وإنما تجد عيونه في الأرض، مطرقاً، وعليه المهابة، والتعظيم، هذا من التعظيم.

إذا وقف الإنسان في الصلاة أين يضع بصره؟ في موضع سجوده، ولا ينظر إلى الأعلى، لماذا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن النظر إلى السماء؟! وقال: (أما يخشى الذي يرفع بصره في الصلاة أن يحول الله رأسه رأس حمار؟!) لماذا هذا الوعيد الشديد؟! لأن من محبة الله عز وجل التي يقترن بها التعظيم أن تضع بصرك كالمطأطئ له، المعظم مهابةً وخشوعاً.

وهذا الحديث أحد الأدلة على أن الله في السماء، لذلك نهى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرفع المصلي بصره إلى الله عز وجل، وإنما ينظر إلى الأرض مهابةًَ له، ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤدباً جداً في غاية التأدب لما صعد إلى الله عز وجل في المعراج، ماذا قال الله تعالى: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} [النجم:١٧] فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لما صعد إلى الأعلى ما جلس ينظر هناك عند الله عز وجل، وإنما أطرق في الأرض تعظيماً ومهابةً لله: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} [النجم:١٧].