للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[القلب إذا لم تشغله بطاعة الله شغلك بمعصيته]

والقلب -أيها الإخوة- لا بد أن يشغل بحب شيء، القلوب تهوى وتحب، النفوس تحب، لا بد أن تشغل بحب شيءٍ، فإن لم تشغلها بحب الله تعالى أشغلتك بحب المخلوقين، ونحن لا نتكلم الآن عن الحب الصحيح، أو الحب الشرعي كحب الرجل لزوجته، أو الحب الطبيعي كحب الجائع للطعام، ولكننا نتكلم عن هذا النوع من الحب والعشق المحرم الذي يقع فيه كثير من الناس لداعي الهوى، فقد تقدم أن العبد لا يترك ما يحبه ويهواه، ولكن يترك أضعفهما محبةً لأقواهما محبة، كما أنه يفعل ما يكرهه لحصول ما محبته أقوى عنده من كراهة ما يفعله، أو لخلاصه من مكروه، هذا كلامٌ دقيقٌ، لأن بعض الناس قد يكون في قلوبهم حبٌ لله، لكن هذا الحب قليل، فيدخل في قلب هذا الرجل حبٌ لشخص آخر، فيطغى هذا الحب على ذلك الحب، وبهذا التفسير نستطيع أن نفهم كيف يقع بعض الناس الذين يسلكون سبيل الطاعة بالتعلق بالمخلوقين؟ وفي عشق الصور الجميلة؟ لأن هذا الرجل الطائع فيه محبة لله، كيف وقع في العشق؟ كيف وقع في التعلق؟ إنه وقع في التعلق بسبب أن محبة الله في قلبه أقل من محبته لذلك الشخص، فطغت محبته لذلك الشخص على محبة الله، فأخرجت محبة الله من قلبه وطردتها طرداً، وأشغلت القلب كله بهذا الشيء، ولذلك كان لا بد من التدقيق في علاج هذه المشاكل، ومن الانتباه لها من بدايتها حتى لا تستفحل، وحتى لا تؤدي إلى ترك طريق الاستقامة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.