للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عدم المغالاة في اتباع العلماء]

فمن واجباتنا نحو العلماء: عدم المغالاة في اتباعهم، فلا ينبغي أن يبعث المتعلم معرفة الحق لهم على قبول الشبهة منهم، ولا يدعوه ترك الإعناف لهم على التقليد فيما أخذه عنهم، فإنه ربما غالى بعض الأتباع في عالمهم، حتى يروا أن قوله دليل، بعض الناس من مغالاتهم وتعصبهم للعالم الفلاني يعتبر أن قوله دليل، فإذا سألته: ما حكم الشيء الفلاني؟ يقول لك: جائز والدليل: قال، فلان كذا.

لا.

قول فلان ليس دليلاً!! الدليل قال الله وقال رسوله وقال الصحابة، هذا هو العلم، هذا هو الدليل، أما قال فلان وفلان فليس بدليل، هذا نقل للفتوى.

فإنه ربما غالى بعض الأتباع في عالمهم حتى يروا أن قوله دليل وإن لم يستدل، حتى لو لم يأت لهم بدليل، وأنه اعتقاده حجة وإن لم يحتج، فيفضي به الأمر إلى التسليم له فيما أخذ عنه، هذا نص كلام الماوردي.

وهنا طرفة تحضرني الآن: بعضهم يناقش الآخر قال: ما حكم النوم بعد صلاة العصر؟ قال: والله ما فيها شيء، قال: ما هو دليلك على ذلك؟ قال: أنا ذهبت للشيخ ابن باز بعد العصر فوجدته نائماً!! أي: هل أصبح هذا دليلاً على قضية حكم النوم بعد صلاة العصر! فالواجب أن نفرق بين فعل العالم لنفسه والحكم، ولذلك قال بعض العلماء: إنك ترى العالم يفعل لنفسه أشياء، فإذا قلت له: هات الدليل، توقف، لأنه قد يجتهد لنفسه في أشياء لكن لا يجوز لنفسه أن يفتي بها الآخرين.

فالعالم ليس رسولاً، يكون تركه حجة، وفعله حجة، وأقواله كلها حجة، لا.

كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر، وهو الرسول صلى الله عليه وسلم؛ كما قال الإمام ذلك مالك وهو في الحرم النبوي.

كذلك بعض العلماء عظَّم حق العالم حتى قدمه على حق الوالد، حتى قال بعض الشعراء:

من علم الناس كان خير أب ذاك أبو الروح لا أبو النطف

الأب أبو النطفة، والعالم أبو الروح، هو الذي يشفي روحك ويسمو بها في عالم القرآن والسنة.