للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[زهد صلاح الدين حتى وفاته]

كان صلاح الدين رحمه الله زاهداً، مات ولا يوجد في خزانته أربعون درهماً، شيء يسير جداً، كان يصرف الأموال للجهاد في سبيل الله، وكان يربي أتباعه على هذه القضية، وكان أي إنسان فيهم يجد عنده ميلاً إلى الدنيا كما حدث عندما رجع إلى دمشق بعد غزوة حصن كوكب عام (٥٩٤هـ) وجد وكيل الخزانة في دمشق قد بنى له داراً ضخماً بقلعة دمشق، فغضب عليه وعزله، وقال: إنا لم نخلق للمقام بـ دمشق ولا لغيرها من البلاد، وإنما خلقنا لعبادة الله عز وجل والجهاد في سبيله.

ومرض صلاح الدين رحمه الله تعالى سنة (٥٨٩هـ) وحصل بعد ذلك أن اشتد به المرض ليلة الأربعاء (٢٧/ صفر) واستدعى أبا جعفر ليبيت عنده يقرأ القرآن ويلقنه الشهادة إذا نزل به الموت، فذكر هذا الإمام: أنه كان يقرأ عند صلاح الدين وهو في غمرات الموت {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [الحشر:٢٢] فقال صلاح الدين: وهو كذلك صحيح، فلما أذن الصبح جاء القاضي الفاضل ودخل عليه وهو في آخر رمق، فلما قرأ القارئ: {لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} [التوبة:١٢٩] تبسم وتهلل وجهه وأسلم روحه إلى ربه سبحانه، ومات رحمه الله وله من العمر (٥٧ سنة) واستمر أولاده من بعده مجاهدين.

هذه باختصار -أيها الأخوة- نبذة عن حياة هذا الرجل العظيم، وعن تجديده في ميدان الجهاد.

وهذه الأمة لن تعدم -إن شاء الله- أفراداً أناساً مخلصين يحيون فيها الجهاد في سبيل الله.