للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قيادة عيسى للمسلمين ضد يأجوج ومأجوج]

وكذلك أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن عيسى عليه السلام سيكون له إنجاز آخر في قيادة المسلمين ضد يأجوج ومأجوج، فقال عليه الصلاة والسلام في حديث النواس بن سمعان في حديث الدجال الطويل: (فبينما هم كذلك -يعني المسلمين- إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعاً كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدَّر منه جمانٌ كاللؤلؤ، فلا يحل لكافرٍ يجد نَفَسَه إلا مات، ونَفَسُه ينتهي حيث ينتهي طرفه).

وحين ينزل عيسى فإن أي كافر على مرمى بصر عيسى يستنشق نفسه ويموت في مكانه، قال: (فلا يحل لكافرٍ يجد نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه، ثم يأتي عيسى قوماً قد عصمهم الله من الدجال، فيمسح من وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة) وهذا من علم الغيب، والله يوحي لعيسى بخبر فلان وفلان وفلان من المسلمين الذين هربوا من فتنة الدجال، فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة.

انتهت قضية الدجال، ثم قال: (فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى عليه السلام أني قد أخرجت عباداً لي لا يدان لأحدٍ بقتالهم) لا قدرة ولا استطاعة ولا قوة لأحد من البشر بقتال هؤلاء، وهم يأجوج ومأجوج، ما هي الأوامر الإلهية لعيسى؟ الاتجاه إلى أين؟ قال: (فاحرز عبادي إلى الطور) خذ المسلمين إلى جبل الطور وتحصنوا هناك.

(ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية، فيشربون ما فيها ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرةً ماءٌ، ويحصر نبي الله عيسى عليه السلام وأصحابه) لأنه من كثرة يأجوج ومأجوج ولا قدرة على قتالهم سيبقى عيسى مع المسلمين محاصرين في جبل الطور (حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مائة دينارٍ لأحدكم اليوم -ويصبح في شدة وجوع- فيرغب نبي الله عيسى عليه السلام وأصحابه إلى الله تعالى فيرسل الله عليهم- يعني: على يأجوج ومأجوج- النغف- مثل الدود التي تكون في أنوف الغنم- في رقابهم فيصبحون فرسى (هلكى) كموت نفسٍ واحدة) موت شامل جماعي في وقت واحد كموت نفس واحدة.

(ثم إن المسلمين يقولون: من يعرف لنا الخبر؟) لأنهم محاصرون في الطور لا يعرفون ما الخبر، فيوطن أحد من المسلمين نفسه على أنه ميت، فيقول المسلمون: ألا رجلٌ يشري لنا نفسه، فينظر لنا ما فعل العدو، يعني: يضحي بنفسه: (فيتجرد رجلٌ منهم لذلك محتسباً لنفسه على أنه مقتول، فيخرج ليتحرى الخبر فيجدهم موتى- بعضهم على بعض، فينادي: يا معشر المسلمين! ألا أبشروا، فإن الله قد كفاكم عدوكم، فيخرجون عن مدائنهم وحصونهم).

فيكون هناك حصون أو مستعمرات أو مدائن فيها المسلمون مع عيسى متحصنين في جبل الطور، فيخرجون عن مدائنهم وحصونهم، ويسرحون مواشيهم، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ثم يهبط نبي الله عيسى عليه السلام وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبرٍ إلا ملأه زهمهم ونتنهم -من رائحة يأجوج ومأجوج وجثثهم المتعفنة- فيرغب نبي الله عيسى عليه السلام إلى الله بالدعاء لتخليصهم من الكرب الموجود- فيرسل الله طيراً كأعناق البخت فتأخذهم فتطرحهم حيث شاء الله) طيور عظيمة يرسلها الله فتأخذ جثث يأجوج ومأجوج وترميها في البحر.

ثم يبقى في الأرض أوساخ، قال: (ثم يرسل الله مطراً لا يُكِنُّ منه بيت مدر ولا وبر) مطر يخترق جميع السقوف، لا توجد عوازل مائية تصمد أمامه (فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلقة- مثل: المرآة- ثم يقال للأرض أنبتي ثمرك وردي بركتك).