للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العمل للإسلام واجب لا يقف عند حد معين]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد: فإن الله سبحانه وتعالى قد أمرنا بالعمل، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم، والعمل للدين -يا عباد الله- هو حياة الإنسان المسلم الذي يعبد الله سبحانه وتعالى على بصيرة العمل وترك البطالة والكسل هو منهج حياتنا العمل للإسلام واغتنام الفرص لأجل ذلك العمل لإعزاز دين الله العمل لرفع راية لا إله إلا الله.

إن العمل -أيها المسلمون- هو ما ينبغي علينا أن نقوم به، لأن من حق الله عز وجل علينا أن نعمل لدينه، وأن نقوم بما يريده منا سبحانه وتعالى، ولذلك خلقنا لأجل أن نعمل.

أيها المسلمون: إن العمل للإسلام واجب لا مفر منه، وإن المعوقات عن هذا الواجب لا بد من إزالتها والتغلب عليها، والعمل للإسلام في جميع مراحل العمر، فإن من نعم الله علينا في هذا الدين أن العمل له صالح في كل الأعمار، للصغير والكبير، والذين يقولون: إن السن قد تقدم ولا مجال للعمل، وقد رق العظم، وظهر الشيب، فلنتركه للشباب إن هؤلاء ما فقهوا دين الله تعالى، وقد قال عز وجل: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:٩٩].

قال الحسن البصري رحمه الله: [لم يجعل الله للعبد أجلاً في العمل الصالح دون الموت] فالنهاية التي نقف عندها هي الموت، ألم تر أن ورقة بن نوفل رضي الله تعالى عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً).

هذا مع كبر سنه وذهاب بصره، وتمنى أن يكون فيها جذعاً قوياً عندما يظهر أمر الدعوة، ليقوم بالواجب إن مثل هذه الأمنية تنفع صاحبها عند الله، لأن نيته حسنة.

وقال أبو طلحة الأنصاري لما قرأ سورة براءة، وأتى على هذه الآية: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً} [التوبة:٤١] قال: [أرى ربنا عز وجل استنفرنا شيوخاً وشباباً، جهزوني أي بني.

فقال بنوه: يرحمك الله! قد غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات، ومع أبي بكر رضي الله عنه حتى مات، ومع عمر رضي الله عنه حتى مات، فنحن نغزو عنك، فأبى، فجهزوه فركب البحر، فمات غازياً في البحر في سبيل الله، فلم يجدوا له جزيرة يدفنونه فيها إلا بعد سبعة أيام، ولم يتغير، فدفنوه فيها].

أيها المسلمون: إن العبد لا يجوز له أن يطعم طعم الراحة التامة والنهائية من العمل ولا يستريح إلا بالموت، بل قال الإمام أحمد رحمه الله لما سئل: متى يجد العبد طعم الراحة؟ قال: عند أول قدم يضعها في الجنة.

وهؤلاء الأنبياء بعثوا بعد الأربعين، وعملوا إلى الموت، وهذا عمر رضي الله عنه يعمل في مصالح المسلمين، وهو مطعون وجرحه يثعب دماً!!