للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الغاية من طلب العلم]

قال: (والعلم يراد للعمل كما العمل يراد للنجاة! فإذا كان العمل قاصراً عن العلم، كان العلم كلاً على العالم، ونعوذ بالله من علمٍ عاد كلاً، وأورث ذلاً، وصار في رقبة صاحبه غلاً، قال بعض العلماء: العلم خادم العمل، والعمل غاية العلم) أي: أنت لماذا تتعلم ما هو السر؟ ما هي الغاية من وراء التعلم؟ إنك تتعلم لتعمل.

وتجد بعض الناس عندهم إنخداع وانجذاب لمنهج الغربيين الضلال الكفرة، الذين يقولون: العلم للعلم، والقراءة للقراءة، والثقافة للثقافة، أي: أن العلم لذاته يقصد لذاته، ولذلك تراهم يسلكون سبلاً ليست نافعة في العلم إطلاقاً، ترى الواحد منهم يتخصص وربما يأخذ شهادة الدكتوراه في شيءٍ تافه سخيف جداً، يفني عمره فيه، مثلاً: بعضهم يتخصص في الآثار والتحف الموجودة من الحضارات القديمة، دكتوراه في التحف والآثار، ما هي الفائدة؟ وربما واحد تخصص في اللغة الهيروغلوفية ومعه دكتوراه في اللغة الهيروغلوفية، ما هي الفائدة في لغة انقرضت؟ ويفني عمره فيها، لماذا؟ لأن عند الغربيين مبدأ العلم للعلم.

أما المسلمون فعندهم مبدأ العلم للعمل، وهذا الفرق بيننا وبينهم، فرق كبير، ولذلك تجد كثيراً منهم تضيع أعمارهم في أشياء تافهة، وبعض أبناء المسلمين قلدهم، ذهب إلى بلدانهم وتعلم مثلهم وعلى طريقتهم، ورجعوا بتخصصات تافهة سخيفة، أمضى سنواتٍ طويلة وأبحاث، في ماذا؟ يقول: علم هذا لأجل العلم، فليس عند المسلمين شيء اسمه العلم للعلم، وإنما العلم وسيلة لغايةٍ وهي العمل.

قال الشيخ: (وهل أدرك من السلف الماضيين الدرجات العلى إلا بإخلاص المعتقد والعمل الصالح، والزهد الغالب في كل ما راق من الدنيا؟! وهل وصل الحكماء إلى السعادة العظمى إلا التشييد بالسعي، والرضا بالميسور، وبذل ما فضل عن الحاجة للسائل والمحروم؟! وهل جامع كتب العلم إلا كجامع الفضة والذهب؟! وهل المنهوم بها إلا كالحريص الجشع عليها؟ وكما لا تنفع الأموال إلا بإنفاقها! كذلك لا تنفع العلوم إلا لمن عمل بها وقام بواجباتها!!) افترض لو أن واحداً يجهد عمره في جمع المال وكسبه ولا يستفيد منه ولا ينفق، ولا يستمتع به شيئاً فهل هذا عاقل؟ وهل استفاد شيئاً مما جمع؟ لا.

فكذلك الذي يحرص على جمع العلم دون عمل، (فلينظر المرء لنفسه، وليغتنم وقته، فإن الثوى قليل -أي: البقاء في الدنيا قليل- والرحيل قريب، والطريق مخوف، والاغترار غالب، والخطر عظيم، والناقد بصير، والله تعالى بالمرصاد، وإليه المرجع والمعاد: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} [الزلزلة:٧ - ٨]).