للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاستشارة في طلب العلم والدعوة إلى الله]

الاستشارة في طلب العلم أمر مهم جداً، ولابد أن يستشير الإنسان ماذا يقرأ؟ وماذا يسمع؟ وكيف يطلب العلم؟ وكيف يبتدئ؟ ومن هم الثقات من العلماء ليجلس إليهم؟ ويستشير هؤلاء العلماء في بداية الطلب، وبعد كل كتاب مثلاً ماذا يقرأ؟ وفي أي فن يبدأ؟ وما هي الفنون المهمة؟ وهكذا، وهذه أشياء أهل العلم يشيرون بها لما عندهم من الخبرة في هذا المجال، بعض الشباب يضع لنفسه برنامجاً في طلب العلم، يقول: أنا أريد أن أقرأ هذا الكتاب، ثم هذا الكتاب، وأريد أن أنهي هذا الكتاب في أسبوع، فيبدأ متحمساً في هذا البرنامج الذي وضع لنفسه، وقد لا يعرف هو طاقات نفسه، ولا الفنون التي يبدأ بها، وقد يبدأ في حفظ متون وغيرها أهم منها ليبدأ بها.

وإنني أعتب عتباً خاصاً على بعض الشباب الذين يبدءون بحفظ المتون وهم لا يحفظون إلا نزراً يسيراً من كتاب الله، والواجب أن تسير الأمور مع بعضها البعض، أأحفظ المتون وأترك أهم متن وهو كتاب الله عز وجل لا أحفظ منه شيئاً؟ أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم كـ الأربعين النووية لا أحفظ منها شيئاً، هذه مصيبة، فلا بد أن نحفظ باستشارة أهل العلم بشكل متوازن لنحقق الأهداف التي نحتاج إليها في طلبنا للعلم.

أحياناً يخطر لشخص خاطرة في آية أو حديث، فيستنبط بعقله حكماً منها، يقول: سبحان الله! هذه الآية كأنها تومئ إلى الحكم الفلاني، ولكن لا يفعل إجراءً آخر وهو أن يتأكد من صحة استنباطه، ثم بعد فترة ربما سنوات يسأله شخص عن هذه المسألة- هذا يحدث أحياناً- فبماذا سيجيبه في الغالب وهو ليس عنده أقوال العلماء مطلقاً فيها؟ سيجيبه بنفس الاستنباط الذي استنبطه هو شخصياً وعلق بذهنه منذ ذلك الزمن ولم يعرضه على أهل العلم، ولو أنه استشار أهل العلم، وقال: يا أيها العالم! خطر في ذهني أن هذه الآية يؤخذ منها كذا، فهل هذا الاستنباط صحيح؟ وهل له وجه؟ وهل قال به أحد من العلماء؟ السفر في طلب العلم: - يستشير الإنسان في السفر في طلب العلم إلى من يسافر مثلاً؟ ومن المشايخ الذين يحرص على لقياهم؟ وغالباً تجد أن الشيخ أو العالم سيقول لك: إذا ذهبت إلى بلدة كذا وكذا فإن فيها الشيخ فلان، فاذهب إليه زره واستفد منه في الجانب الفلاني فهو ضليع في هذا الجانب وهكذا.

وهذه عادة علمائنا منذ زمن بعيد، يشيرون على طلبتهم بالمشايخ إذا أرادوا أن يسافروا في طلب العلم في البلدان المختلفة لما تجمع عندهم من الأخبار، ويقول: اسأل فلاناً، اذهب إلى فلان، فلان من أهل السنة احرص على لقياه وهكذا.

- تقديم الأولويات في طلب العلم: نبدأ بأي شيء، ثم بعده بماذا؟ أحياناً تتزاحم الأشياء عند الشخص، ولا يعرف هل يبدأ بالتفسير، أو بالحديث، أو بالفقه، ومن الذي يقرر لك بماذا تبدأ؟ - الاستشارة في تغيير المنكر: كيف نغير المنكر الفلاني؟ ما هي الطريقة السليمة لتغيير هذا المنكر والتي لا تؤدي إلى مضاعفات أو حصول منكر أكبر من هذا المنكر الذي نريد أن نغيره، أو تؤدي إلى فوات معروف أكبر من هذا المنكر الذي نريد أن نغيره؟ الاستشارة في طرائق الدعوة إلى الله: بمن نبدأ من الناس؟ وكيف نبدأ معهم؟ وكيف ندعوهم؟ وكيف نفتح معهم المواضيع المختلفة؟ وما هي المواضيع المناسبة للعامة والشباب والكبار والجيران وأهل الحي وطلبة المدارس والعمال والموظفين وغيرهم؟ وما التوقيت المناسب لطرح المفهوم الفلاني؟ هل يصلح أن نطرحه الآن؟ هل هؤلاء يفهمون ما سنقوله لهم؟ حدث الناس على قدر عقولهم وبما يفهمون هل سيفهمون أم أن هذا المفهوم من السابق لأوانه أن يطرح مثلاً؟ - كيفية الاستفادة من الوقت: أحياناً بعض الناس يقول: يا أخي كيف أستفيد من الوقت الذي من بعد الدراسة إلى الساعة الفلانية لا أدري ماذا أعمل به، هلا تشير عليّ بشيء أفعله لتغطية هذا الوقت؟ - مصادقة الأصحاب والإخوان: بمن تشير عليّ أصاحب؟ أصادق من؟ أشر عليّ من هم الناس الذين أمشي معهم وأصادقهم وأتعاون معهم على الخير والبر والتقوى؟ وهكذا.

- تجريح وتعديل الأشخاص: من القضايا المهمة التي ينبغي أن يستشار فيها: ماذا أقول عن فلان؟ ماذا تعرف عن فلان؟ ما مدى ثقة فلان؟ ما مدى ضعف فلان؟ وهكذا.

ولذلك- كما سنذكر فيما بعد- يجب أن يكون المستشار ليس بصاحب هوى، لأن بعض الناس قد يستشير صاحباً له أو عظيماً عنده في نفسه، ثم يقبل التجريح الذي يأتي منه أو التعديل الذي يكون نابعاً من هوى في نفس المشير.

- قضايا الزواج: لابد أن يستشير الإنسان في قضايا الزواج، مثلاً: أريد أن أتزوج من بنت فلان، ما رأيك يا فلان أنت تعرف هذا البيت؟ اسأل أهل البيت عندكم هل يعرفونها؟ حتى قضايا الفسخ والطلاق أيضاً الإنسان يحتاج أن يسأل فيها لأنها مسألة صعبة، ليس من السهل أن تطلق امرأة، لابد أن تستشير خاصة الناس الذين يعرفون أمورك وعندهم خلفية عن أحوال هذه المرأة أو هذا البيت الذي نشأت فيه.

مثلاً: هل هذه المرأة يحصل منها كذا وكذا، وأنا تضايقت جداً، وبلغ الأمر عندي أوجه، هل أطلقها؟ هل أصبر عليها؟ هل أعطيها فرصة؟ إذا طلقتها هل يا ترى سأجد أحسن منها أم أنني لن أجد؟ وبعض الناس يستخدمون الطلاق في لحظة غضب، ويتسرع فيه، كأن يحصل تصرف من المرأة أو أكثر، فتزداد المسألة عنده ثم يقوم بالطلاق مباشرة، وهذا من الأخطاء.